الجعد بن درهم هذا قيل من أرض حران، وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة؛ بقايا أهل دين نمرود والكنعانيين الذين صنف بعض المتأخرين في سحرهم؛ فيكون الجعد قد أخذها عن الصابئة والفلاسفة، وأخذها الجهم أيضا فيما ذكره الإمام أحمد وغيره لما ناظر السمنية بعض فلاسفة الهند، وهم الذين يجحدون من العلوم ما سوى الحسيات، فهذه أسانيد جهم ترجع إلى اليهود والصابئين والمشركين. انتهى.
وقد روى البخاري في "التاريخ الكبير" وفي كتاب "خلق أفعال العباد"، وابن أبي حاتم في "كتاب السنة"، وأبو بكر الآجري في كتاب "الشريعة" وغيرهم: أن خالد بن عبد الله القسري خطب الناس في يوم عيد أضحى فقال: أيها الناس، ضحُّوا تقبَّل الله ضحاياكم، فإني مُضحٍّ بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر، كان ذلك في زمن التابعين فشكروا ذلك، وشكره مَن بعدهم مِن أهل السنة إلى يومنا هذا، وقد قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الكافية الشافية:
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ ... قسري يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله ... كلا ولا موسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة ... لله درك من أخي قربان
وأما جهم بن صفوان تلميذ الجعد فإنه قُتل بخراسان، قتله سالم بن أحوز.
وقد ذكر الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رده على الزنادقة والجهمية: أن الجهم لما ناظر السمنية الكفار وشبَّهوا عليه، تحير فلم يدر من يعبد