قلت: وقد افتتن عامتهم وخاصتهم بتلك المشاهد والقباب، حتى إن أكابر علمائهم في أواخر القرن الثاني عشر أنكروا هدم القباب والأبنية التي على القبور، وشنّعوا على من يسعى في إزالتها وتسويتها بالأرض، وهذا في الحقيقة إنكار على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعارضة له؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي نهى عن البناء [على [1]] القبور، وأمر بتسوية ما بني عليها، كما في المسند وصحيح مسلم والسنن إلا ابن ماجة، عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته».
وعن ثمامة بن شفي قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسُوِّي ثم قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بتسويتها» رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه» رواه الإمام أحمد ومسلم وأهل السنن، ورواية ابن ماجة مختصرة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وعنده زيادة: «وأن يكتب عليها».
وفي رواية لأبي داود والنسائي: «أو يزاد عليه أو يكتب عليه».
ورواه ابن ماجة مختصرا قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب على القبر شيء».
ورواه الحاكم في مستدركه ولفظه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبنى [1] في الأصل (عن) وهو سبق قلم، والله أعلم.