وانصباب ماء النهر في منبعه أقرب من رجوع الإسلام إلى سالف مجده ما دام المسلمون يقفون بين يدي الجيلاني كما يقفون بين يدي الله، ويقولون له: أنت المتصرف في الكائنات، وأنت سيد الأرضين والسموات، بمن أستغيث؟ وبمن أستنجد؟ ومن الذي أدعوه لهذه الملمة [1] الفادحة؟ أأدعو علماء مصر وهم الذين يتهافتون على يوم الكنيسة تهافت الذباب على الشراب؟ قال في الهامش يوم الكنسة: يوم يذهب فيه علماء الدين إلى ضريح الإمام الشافعي للتبرك بكنس ترابه- قال المنفلوطي: أم علماء الأستانة وهم الذين قتلوا جمال الدين الأفغاني ليُحيوا أبا الهدى الصيادي شيخ الطريقة الرفاعية؟ أم علماء العجم وهم الذين يحجون إلى قبر الإمام كما يحجون إلى بيت الله الحرام؟ أو علماء الهند وبينهم أمثال مؤلف هذا الكتاب؛ يعني الكتاب المصنف في مناقب الجيلاني؟ يا قادة الأمة ورؤسائها، عذرنا العامة في إشراكها وفساد عقائدها، وقلنا: إن العامي أقصر نظرا وأضعف بصيرة، فما عذركم أنتم وأنتم تتلون كتاب الله، وتقرؤون صفاته ونعوته، وتفهمون معنى قوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65]، وقوله مخاطبا نبيه: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} [الأعراف: 188]، وقوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]؟! إنكم تقولون في صباحكم ومسائكم، وغدوكم ورواحكم: كل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، فهل تعلمون أن السلف الصالح كانوا يخصصون قبرا [1] في المخطوط [الملة]، والتصحيح من النظرات 2/ 69 ط. دار الشروق العربي.