لأتيا الناس اليوم ولا يعرفان شيئا مما كانا عليه.
وقال مالك: بلغني أن أبا هريرة - رضي الله عنه - تلا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1 - 2] فقال: والذي نفسي بيده إن الناس ليخرجون اليوم من دينهم أفواجا كما دخلوا فيه أفواجا.
وقد رواه الحاكم عنه مرفوعا كما سيأتي في آخر الفصل الذي بعد هذا.
وروى مالك أيضا عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء للصلاة. يعني بالناس: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
روى أبو نعيم في الحلية عن معاوية بن قرة أنه قال: أدركت سبعين رجلا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لو خرجوا فيكم اليوم ما عرفوا شيئا مما أنتم عليه اليوم إلا الأذان.
وروى محمد بن وضاح بإسناده عن الحسن قال: لو أن رجلا أدرك السلف الأول ثم بُعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئا، قال: ووضع يده على خده ثم قال: إلا هذه الصلاة.
وقال المبارك بن فضالة: صلى الحسن الجمعة وجلس يبكي فقيل له: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ فقال: تلومنّني على البكاء، ولو أن رجلا من المهاجرين اطلع من باب مسجدكم ما عرف شيئا مما كان عليه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنتم عليه إلا قبلتكم هذه.