اللهم إن لك عليّ عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده ولأجدنه عفوَّا كريما، فجاء فأسلم.
الوجه الثاني: أن مشركي هذه الأزمان وقبلها بدهر طويل قد وصلوا إلى دعوى الربوبية في معبوديهم من دون الله، فزعموا أنهم يعلمون الغيب، ويدبرون الأمور، ويتصرفون في الكون بالمشيئة والقدرة العامة؛ فيعطون ويمنعون، وينفعون ويضرون، وينزلون المطر ويشفون المرضى، وينقذون من أشفى على الهلاك في البر والبحر، وينصرون عابديهم، ويهزمون أعداءهم ويقهرونهم، إلى غير ذلك من أفعال الربوبية، وأن ذلك لآلهتهم على سبيل الكرامة، فألهوهم وعبدوهم عبادة ما صدرت من مشركي العرب، ولا ادعاها أحد منهم لوثنه ومعبوده، وقد صرح بعض غلاتهم المتأخرين بأن آلهته تقدر على الخلق وإحياء الموتى، كما ذكر ذلك ابن النعمي وغيره فيما سننقله قريبا إن شاء الله تعالى، وهذا شيء ما وصل إليه أحد من المشركين الأولين ولا حام حول حماه، ومن وقف على كتاب الأغلال للصعيدي الملحد الخبيث فقد وقف على ساحل بحر الكفر بالله العظيم، والاستهزاء به، وسلبه من كل كمال، وإعطاء ذلك للإنسان العاجز الضعيف، وقد حاول المرتد المنسلخ من آيات الله ودينه أن يجعل آلهته من أمم الكفر والضلال أربابا مع الله تعالى، تُنازع الله تعالى في عظمته، وعلمه، وقوته، وقدرته، فتعلم ما لا يعلمه إلا الله، وتقدر على ما لا يقدر عليه إلا الله من جميع أفعال الربوبية، كالخلق، والرزق، والإعطاء، والمنع، والنفع، والضر، وجميع التصرفات الكونية، وأنها تقدر على جَعْل