الحاجات، وتفريج الكربات، والتقرب إليهم بالنذور والذبائح، فهذا مشرك شاء أم أبى، والله لا يغفر أن يشرك به، ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار، ومع هذا فهو شرك، ومن فعله كافر، ولكن كما قال الشيخ: لا يقال فلان كافر حتى يبين له ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإن أصر بعد البيان حكم بكفره، وحل دمه وماله، وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: شرك، {وَيَكُونَ الدِّينُ [1] كُلُّهُ لِلَّهِ}، فإذا كان في بلد وثن يعبد من دون الله قوتلوا لأجل هذا الوثن، أي لإزالته وهدمه، وترك الشرك، حتى يكون الدين كله لله، والدعاء دين، سماه الله دينا كما في قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: 65] أي: الدعاء، وقال - صلى الله عليه وسلم - «بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعبد الله وحده لا شريك له»، فمتى كان شيء من العبادة مصروفا لغير الله فالسيف مسلول عليه، والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقوله: إنه لا يقال للمشرك بالله الشرك الأكبر إنه كافر إلا بعد البيان، وإصراره على المخالفة. فيه نظر، فإن الله تعالى يقول: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]، فقد كفّر تبارك وتعالى كل من دعا معه إلها آخر، وأطلق ولم يقيد ذلك بالإصرار بعد إقامة الحجة، وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ [1] لفظة (الدين) ساقطة من الأصل، وينظر (الدرر السنية 3/ 313).