والروم، أي قوم أنتم؟» قال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمرنا الله، قال: «أو غير ذلك؛ تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون».
وفي صحيح البخاري عن عمرو بن عوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسونها، فتهلككم كما أهلكتهم».
وفي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه أيضا.
ولما فُتحت كنوز كسرى على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بكى، فقال: إن هذا لم يُفتح على قوم قط إلا جعل الله بأسهم بينهم. أو كما قال.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخشى على أمته هاتين الفتنتين كما في مسند الإمام أحمد عن أبي برزة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومُضلّات الفتن»، وفي رواية: «ومضلّات الهوى» فلما دخل أكثر الناس في هاتين الفتنتين أو إحداهما أصبحوا متقاطعين متباغضين بعد أن كانوا إخوانا متحابين متواصلين، فإن فتنة الشهوات عمّت غالب الخلق ففُتنوا بالدنيا وزهرتها وصارت غاية قصدهم، لها يطلبون، وبها يرضون ولها يغضبون، ولها يوالون وعليها يعادون، فقطعوا لذلك أرحامهم، وسفكوا دماءهم، وارتكبوا معاصي الله بسبب ذلك.
وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة فبسببها تفرق أهل القبلة وصاروا شيعا، وكفّر بعضهم بعضا، وأصبحوا أعداء وفرقا وأحزابا بعد أن كانوا إخوانا، قلوبهم على قلب رجل واحد، فلم ينج من هذه الفرق كلها إلا