والحلولية والاتحادية، وغلاة الصوفية، والروافض، فهؤلاء أدعياء الإسلام، وما أكثرهم لا كثَّرهم الله.
فالفرقة الناجية بين جميع المنتسبين إلى الإسلام كالشعرة البيضاء في الجلد الأسود، فهم غرباء بين المنتسبين إلى الإسلام، فضلا عن أعداء الإسلام من سائر الأمم، وهم في غربتهم متفاوتون، فأهل الإسلام غرباء في الناس، وأهل الإيمان غرباء في المسلمين، وأهل العلم بالكتاب والسنة غرباء في المؤمنين، والداعون منهم إلى الخير، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، الصابرون على أذى المخالفين لهم أشد غربة، وقليل ما هم، قال علي - رضي الله عنه - فيهم: أولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: إياك أن تغتر بما يغتر به الجاهلون، فإنهم يقولون: لو كان هؤلاء على حق لم يكونوا أقل الناس عددا، والناس على خلافهم، فاعلم أن هؤلاء هم الناس، ومن خالفهم فمشبهون بالناس وليسوا بناس، فما الناس إلا أهل الحق، وإن كانوا أقلهم عددا.
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: لا يكن أحدكم إمَّعة، يقول: أنا مع الناس، ليوطِّن أحدكم نفسه على أن يؤمن ولو كفر الناس. انتهى.
وقال أيضا في "الكافية الشافية":
لا توحشنك غربةً بين الورى ... فالناس كالأموات في الجبّان
أَوَمَا علمت بأن أهل السنة الـ ... ـغرباء حقا عند كل زمان
قل لي متى سلم الرسول وصحبه ... والتابعون لهم على الإحسان
من جاهل ومعاند ومنافق ... ومحارب بالبغي والطغيان