إذا عرف هذا فينبغي لمن أنقذه الله تعالى من موت الجهل، ونوّر بصيرته بالعلم النافع الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، وألهمه رشده، وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان أن لا يزال لسانه رطبا بذكر الله، وحمده وشكره على ما أنعم به عليه من هذه النعم العظيمة، وأن يدعو إلى سبيل ربه، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويُغيِّره ما استطاع، ويبذل جهده في نشر السنة، وإصلاح ما أفسده الناس منها، ويصبر على ما يصيبه في ذات الله، ومن فعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى رجى له أن يكون من أئمة الغرباء، الذين غبطهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الحديث الصحيح: «طوبى للغرباء».
قال أبو عبيد الهروي: طوبى اسم الجنة، وقيل: هي شجرة فيها. انتهى، ويؤيد القول الأخير ما رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن درّاجًا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعا: «طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها».
وقد رواه أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة من طريق ابن وهب بسنده عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: طوبى لمن رآك وآمن بك، فقال: «طوبى لمن رآني وآمن بي، ثم طوبى، ثم طوبى، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني» فقال رجل: يا رسول الله، وما طوبى؟ قال: «شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها» رواه الإمام أحمد في مسنده، عن حسن بن موسى، عن عبد الله بن لهيعة، عن دراج أبي السمح فذكره.