ذكرته في هذا الفصل من الأحلام التي ليست في الأحاديث المرفوعة والموقوفة فهو قليل من كثير مما وقفت عليه مما جاء في هذا النوع. ولو ذكرت كل ما وقفت عليه من ذلك لطال الكتاب، وفيما ذكرته كفاية إن شاء الله تعالى.
فصل
النوع الثاني من الرؤيا ما هو من ضرب الأمثال
للنائم يضربها له الملك الموكل بالرؤيا
وهذا النوع هو الأكثر، وهو الذي يحتاج فيه إلى التأويل، وهو الذي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقص على غير عالم أو ناصح. وقد ذكرت الأحاديث الواردة في ذلك في أول الكتاب فلتراجع وليراجع أيضًا ما ذكرته من كلام العلماء في معناها.
ومن هذا النوع رؤيا يوسف عليه الصلاة والسلام ورؤيا كل من الفتيين اللذين دخلا السجن مع يوسف، ورؤيا ملك مصر، فأما رؤيا يوسف عليه الصلاة والسلام فقد ذكرها الله تعالى في قوله: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [يوسف: 4 - 6] وقد وقع تأويل هذه الرؤيا بعد أربعين سنة، وقيل: بعد ثمانين سنة والصحيح الأول. وهو قول سلمان الفارسي رضي الله عنه وعبد الله بن شداد، وقد ذكرت ذلك في أول الكتاب، وقد أخبر الله تعالى عن وقوع تأويلها بقوله: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا