رده وأبطله. فليس له أن يصحح ما رده الشارع وحرمه، فإن ذلك مضارة له ومناقضة» [1].
المسألة الثالثة: مقدار ما يوصَى به:
قال القرطبي [2]: لم يبين الله تعالى في كتابه مقدار ما يوصى به من المال، وإنما قال: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا}، والخير المال، كقوله: ... {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ}، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ}، فاختلف العلماء في مقدار ذلك، فروي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أوصَى بالخمس، وقال: رضيت لنفسي بما رضي الله به لنفسه، وقال علي - رضي الله عنه -: رضي الله لنفسه من غنائم المسلمين بالخمس، وقال معمر عن قتادة: أوصى عمر بالربع، وذكره البخاري عن ابن عباس، وروري عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: لأن أوصي بالخمس أحب إليَّ من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إليَّ من أن أوصي بالثلث.
المسألة الرابعة: الوصية بالثلث:
تجوز الوصية بالثلث ولا تجوز الزيادة عليه، والأولى أن ينقص عنه، وقد استقر الإجماع على ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني، وأنا بمكة - وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر فيها - قال: «يرحم الله ابن عفراء» قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: «لا» قلت: الثلث؟ قال: «فالثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم، وإن مهما [1] إغاثة اللهفان، لابن القيم (1/ 392 - 393) [2] الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (2/ 260)، والكافي لابن قدامة (4/ 6).