فإن زاغت قبل أن يرتحل صلّى الظّهر، ثمّ ركب. ولم يذكر صلاة العصر.
وجوابه: أنه لا يلزم من عدم ذكرها أن لا يكون صلاها مع الظهر. وقد ورد التصريح بجمع التقديم في حديث معاذ وغيره، فوجب المصير إليه، وحمل بعضهم حديث أنس على أنّ معناه صلى الظهر والعصر، قال: لأنه عليه السلام إنما كان يؤخر الظهر إلى العصر إذا لم تزغ الشمس، فكذلك يقدم العصر إلى الظهر إن زاغت الشمس، ذكره ابن بطال.
وقد ورد التصريح بذلك من حديث أنس بسند لا بأس به في "معجم الطبراني الأوسط"، ولفظه: إذا كان في سفر فزاغت الشّمس جمع بينهما في أوّل وقت العصر، وكان يفعل ذلك في المغرب والعشاء.
وحكى ابن العربي أن اللؤلؤي حكى عن أبي داود أنه قال: ليس في تقديم الوقت حديث قائم. . وليس ذلك في روايتنا "لسنن أبي داود" من طريق اللؤلؤي، وضعف ابن حزم حديث معاذ في جمع التقديم، وقد بسطت الرد عليه في ذلك في كراسة كتبتها قديمًا سميتها "الدليل القويم على صحة جمع التقديم".
الرابعة: غاية ما دلّ عليه هذا الحديث جواز الجمع، فأما رجحانه وكونه أفضل [1] من إيقاع كل صلاة في وقتها، فلا دلالة فيه عليه، فلعله عليه الصلاة والسلام بيّن بذلك الجواز أو فعله على سبيل الترخيص والتوسع، وإن كان الأفضل خلافه. وقد صرح أصحابنا الشافعية بذلك، وقالوا: إنّ ترك الجمع أفضل. وقال الغزالي: إنه لا خلاف في المذهب فيه. [1] الذي يظهر لي أن الجمع أفضل، لأنه الوارد عن النبي إذا جدَّ به السير.