نام کتاب : مشروعية المشاركة في المجالس التشريعية والتنفيذية المعاصرة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 52
الظَّالِمَ مَعَ اخْتِيَارِهِ أَنْ لَا يَظْلِمَ وَدَفْعَهُ ذَلِكَ لَوْ أَمْكَنَ: كَانَ مُحْسِنًا وَلَوْ تَوَسَّطَ إعَانَةً لِلظَّالِمِ كَانَ مُسِيئًا " (1)
وأقول: هذا هو الفقه الصحيح لا الورع الكاذب، ورهبانية النصارى الذين تركوا الحكم للفجرة وكانوا رهبانا في الأديرة، بل أن شيخ الإسلام يقرر هنا أن تولي الولاية العامة مع عدم التمكن من إقامة العدل الواجب جائزة بل واجبة أحياناً إذا كان يقصد فيها تخفيفا للظلم، ومنعا لمن يتولاها ويقصد بها الظلم، واستدل شيخ الإسلام على ذلك بما أقدم عليه نبي الله الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم فقال: ((وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَوَلِّي يُوسُفَ الصِّدِّيقَ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ لِمَلِكِ مِصْرَ بَلْ وَمَسْأَلَتُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَكَانَ هُوَ وَقَوْمُهُ كُفَّارًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُ: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} الْآيَةَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَعَ كُفْرِهِمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ وَسُنَّةٌ فِي قَبْضِ الْأَمْوَالِ وَصَرْفِهَا عَلَى حَاشِيَةِ الْمَلِكِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَجُنْدِهِ وَرَعِيَّتِهِ وَلَا تَكُونُ تِلْكَ جَارِيَةً عَلَى سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَدْلِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ يُوسُفُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا يُرِيدُ وَهُوَ مَا يَرَاهُ مِنْ دِينِ اللَّهِ فَإِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَكِنْ فَعَلَ الْمُمْكِنَ مِنْ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَنَالَ بِالسُّلْطَانِ مِنْ إكْرَامِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُ أَنْ يَنَالَهُ بِدُونِ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ})). (2)
وقد رد شيخ الإسلام هذا الحكم إلى القاعدة الفقهية أنه إذا اجتمع محرمان ولا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما، وجب ارتكاب الأدنى، وهذا الارتكاب لفعل الأدنى لا يكون محرماً في الحقيقة. فترك الولاية العامة للظلمة والفسقة ضرر ومفسدة عظيمة، وتولي هذه الولايات للمسلم البار المريد للخير الذي يستطيع أن يخفف الظلم والفساد ضرر أقل، ويجب عند ارتكاب أخف الضررين. وهذا نص شيخ الإسلام في ذلك:
(1) - مجموع الفتاوى (20/ 55)
(2) - مجموع الفتاوى (20/ 56)
نام کتاب : مشروعية المشاركة في المجالس التشريعية والتنفيذية المعاصرة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 52