يجاوزها، لأن الله سبحانه أمر بقتال الكفار في عموم الأوقات، فلا يخُرج منها إلا القدر الذي استثناه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية، وقال قوم: لا يجوز أكثر من أربع سنين، وقال قوم: ثلاث سنين، لأن الصلح لم يبق بينهم أكثر من ثلاث سنين، ثم إن المشركين نقضوا العهد، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم وكان الفتح، وقال بعضهم: ليس لذلك حد معلوم، وهو إلى الإمام يفعل على حسب ما يرى من المصلحة ... إلى أن قال: ولو هادنهم إلى غير مدة على أنه متى بدا له نقض العهد، فجائز) اهـ.
وقال الحافظ في «الفتح» (5/ 343): (وقد اختلف في المدة التي تجوز المهادنة فيها مع المشركين، فقيل: لا تجاوز عشر سنين وهو قول الجمهور والشافعي، وقيل تجوز الزيادة، وقيل: لا تجاوز أربع سنين، وقيل: ثلاثًا، وقيل: سنتين، والأول هو الراجح، والله أعلم) اهـ.
فصل
قال ابن عبد البر في «الكافي» (1/ 469): (ويستحب ألا تكون مدة المهادنة أكثر من أربعة أشهر إلا مع العجز).
وقال الشيخ محمد عليش في «شرح مختصر خليل»: (ولا حدَّ لمدة المهادنة واجب والرأي فيها للإمام بحسب اجتهاده وندب ألا تزيد مدتها على أربعة أشهر لاحتمال حدوث قوة بالمسلمين، وهذا حيث استوت المصلحة في تلك المدة وفي غيرها» اهـ.
وقال أحمد الدردير في «الشرح الكبير» (2/ 206): («قوله: ولا حد واجب لمدتها» لا يقال هذا يخالف ما سبق من أن شرط المهادنة أن تكون مدتها معينة، لأنا نقول المراد أن شرطها أن يكون في مدة بعينها لا على التأبيد ولا على الإبهام ثم تلك المدة لا حدَّ لها بل يعيُّنها الإمام باجتهاده) اهـ.