ونوقش: بأن ذِكْرَ هذه الأنواع ليس للحصر، وإنما هو للتيسير ورفع الحرج، فإخراج تلك الأنواع المنصوصة أيسرُ من إخراج غيرها من الأموال، فقد عين النبي - صلى الله عليه وسلم - الطعام في زكاة الفطر لندرته بالأسواق في تلك الأزمان، وشدة احتياج الفقراء إليه لا إلى المال، فإن غالب المتصدقين في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يتصدقون إلا بالطعام [1].
ويجاب: بأننا إن سلمنا بأن ذكر تلك الأصناف ليس للحصر، فهي مقدمة على غيرها ما لم تظهر مصلحة إخراج القيمة، ولا يُسَلَّمُ القول بتسويتها بغيرها، وأن ذِكْرها لكونها هي المتيسرة، لا سيما وأن قيمة زكاة الفطر يسيرة لا تشق على أكثر الناس، فلما لم تذكر القيمة مطلقا دل على تقديم إخراجها طعاما.
2 - عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كنا نُخْرجها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعام، وكان طعامنا التمر والشعير والزبيب والأقط [2].
وجه الدلالة: أن الصحابة رضي الله عنه لم يكونوا يخرجونها من غير الطعام، وتتابعهم على ذلك دليل على أن المشروع إخراجُها طعامًا [3].
3 - أن ابن عباس رضي الله عنه قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفطر طُهْرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمةً للمساكين [4]. [1] ينظر: المبسوط 3/ 107. [2] رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير برقم: (985). وما بعدها من الروايات. [3] مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 18/ 265. [4] رواه أبو داود، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، برقم: (1609) وابن ماجه، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر برقم: (1827) ورواه الدارقطني في سننه في كتاب زكاة الفطر (2/ 138) وقال: ليس فيهم مجروح. ورواه الحاكم في مستدركه، كتاب الزكاة برقم: (1488) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه". قال الذهبي في تلخيصه: "على شرط البخاري"، إلا أن الزيلعي تعقب الحاكم في نصب الراية، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، =