الترجيح: يترجح القول الأول؛ لأن مفهوم اللفظ يدفع إرادة غيره، لا سيما مع دلالة اللفظ على معنى السفر والغربة والانقطاع عن الأهل والوطن، مما يحتاج معه إلى نفقة تُوصله إلى بلده، بخلاف المقيم الذي لا يحتاج إلى ذلك، وإنما قد يحتاج إلى النفقة عليه وعلى من تلزمه نفقته، وهذه إنما يستحقها إن عدمها بفقره، لا بكونه ابن سبيل، فهو فقير حكما لعجزه عن التصرف في ماله [1].
ويحسن في هذا المقام ذِكْرُ فتوى الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة المتعلقة ببيان المراد من ابن السّبيل وشروطه وبعض الأحكام المتعلقة به، وذلك على النحو التالي:
1 - ابن السبيل: هو المسافر فعلًا، مهما كانت مسافة سفره الذي طرأت عليه الحاجة بسبب ضياع ماله أو نفاد نفقته، وإن كان غنيًّا في بلده.
2 - يشترط لإعطاء ابن السبيل من الزكاة ما يلي: [1] ينظر: مصرف ابن السّبيل وتطبيقاته المعاصرة، للدكتور عمر الأشقر (ص 374) ضمن أبحاث الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة. ومما ذكر أعلاه يتبين أن لإعطاء ابن السّبيل شروطا لدى الفقهاء، فمن ذلك: [1] - أن يكون مسافرا، وهذا على قول الجمهور كما بين أعلاه.
2 - أن يكون محتاجًا في سفره، كما تبين اتفاق الفقهاء عليه من تعريفاتهم. وأما مقدار ما يعطاه من النفقة فهو ما يكفيه لبلوغ مقصده، والعودة لموطنه؛ قال ابن قدامة في المغني 9/ 330 ما نصه: "فإن كان ابن السبيل فقيرا في بلده أعطي لفقره وكونه ابن السبيل لوجود الأَمْرَيْن فيه، ويعطى لكونه ابن سبيل قدرَ ما يوصله إلى بلده؛ لأن الدفع إليه للحاجة إلى ذلك، فتقدر بقدرها، وتدفع إليه - وإن كان موسرًا في بلده - إذا كان محتاجًا في الحال؛ لأنه عاجز عن الوصول إلى ماله فصار كالعدوم". ينظر كذلك: فتح القدير 2/ 265، بداية المجتهد 3/ 129، البيان للعمراني 3/ 429.