لا سيما في هذه الأزمنة التي ساد فيه الإعلام حتى وصل لسائر بقاع الأرض، وكان له الأثر الكبير في تشكيل عقول الناس وتبديل مفاهيمهم حقا كان ذلك أو باطلًا، بل لقد أصبح الغزو الفضائي بوسائل الإعلام أشد أثرا من الغزو العسكري، مما يؤكد ضرورة عدم التفريق بين الجهاد بأنواعه المختلفة في مشروعية دفع الصدقة، مادام يقصد منه بيان الحق ودحض الباطل.
5 - أن هذا القول هو الذي يتحقق به الجمع بين أسلوب الحصر في الآية، مع موارد اللفظة الموسعة في الكتاب والسنة، بما يفيد عدم التخصيص الضيق أو التعميم الواسع، وإنما هو تخصيص مع توسيع للمعنى لا يخرج به عن الاستعمال الشرعي الكثير، ولا يقتصر فيه على مجرد المعنى اللغوي.
وقد صدر تأييدًا لهذا القول قرارٌ من المجمع الفقهي الإسلامي بمكة، ونص المقصود منه ما يلي:
وبعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
1 - نظرًا إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظا من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)} [البقرة: 262] [1].
ومن الأحاديث الشريفة، مثل ما جاء في سنن أبي داود أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اركبيها فإن الحج في سبيل الله" [2].
2 - ونظرًا إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن [1] سورة البقرة (262). [2] تقدم تخريجه (ص 438).