الترجيح:
يترجح القول الثاني لما يلي:
1 - عدم الدليل على دخول تحرير الشعوب من الكافرين في مصرف (الرقاب).
2 - عدم الحاجة إلى ذلك؛ لوجود الموارد الأخرى لتحقيق المقصود، سواء كان ذلك من مصرف (في سبيل الله) أو من غيره من موارد بيت المال.
3 - أن تسلط الكافرين على المسلمين موجود في العهد النبوي والقرون المفضلة، ولم ينقل عنهم الصرف من سهم الرّقاب لدفع ذلك [1].
... [1] ينظر: مصرف الرّقاب، للدكتور نزيه حماد ضمن أبحاث الندوة الثانية لقضايا الزكاة المعاصرة. (ص 320)، وقد قال الباحث فيه مرجحًا ما يلي: "وبالتأمل فيما اتجه إليه هذان العالمان الجليلان، فإنني أرى عدم وجاهة ما ذهبا إليه، وأنه ضرب من التأويل البعيد، حيث إن مدلول لفظ الرّقاب في لغة العرب التي أنزل بها القرآن، لا يحتمل مثل هذا التوسع والصرف عن الظاهر، فضلًا عن كونه مخالفًا للبيان العملي النبوي للفظه، وبعيدًا عن مقصد الشارع، من وضع هذا المصرف أداة لإلغاء الرق الفردي، الذي كان سائدًا قبل الإسلام بتضييق موارده، والتوسع في فتح أبواب مصارفه ومنها هذا السهم من الزكاة".
ثم إن مما يرجح استبعاد هذا التأويل المتكلف، مع أهمية الفكرة البديلة المطروحة فيه، وكونها من المقاصد الشرعية الضرورية والمصالح التي يلزم اعتبارها: وجود سهم في سبيل الله الذي وضع لتمويل الجهاد في سبيل الله عندما يحتل الكفار شيئًا من ديار المسلمين، أو يجنحون لاستضعاف بعض الشعوب الإسلامية وفتنتهم عن دينهم. دون حاجة لهذا التأويل؛ لأن المصلحة التي يراد جلبها بسببه غير متعينة في ذلك، بل ممكنة التحقيق في سهم سبيل الله.