4 - أن الأدلة قد جاءت بالأمر بفك الأسارى كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فكوا العاني " [1]. وقد لا يتحقق ذلك إلا بالمال، ومن موارده الكبرى بيت مال المسلمين، والزكاة والصدقة.
ويتبين مما تقدم أنه يشرع للمسلمين في هذا الزمان افتكاك أسراهم من الكفار بفديتهم من سهم الرّقاب من الزكاة، لا سيما في مثل هذا الزمان الذي أوقف فيه الرق ومنع فيه ملك اليمين.
ويتنازع افتكاك الأسير مصرفا (الرّقاب) و (سبيل الله) إلا أن الأقرب إليه هو مصرف الرّقاب؛ لما تقدم ذكره، فينبغي تقديم الصرف منه، فإن احتاج المسلمون إلى الأخذ من مصرف (سبيل الله) لنفاد الأول، وترجحت مصلحة استنقاذ أسراهم على سائر أوجه الجهاد فإن لأُولِي الأمر منهم فعل الأصلح [2].
المسألة الثانية: صرف الزكاة من سهم الرّقاب لفكاك الشعوب المسلمة المحتلة من الكافرين
في ظل ضعف المسلمين، وتسلط الكافرين عليهم، واحتلالهم لبلدانهم نشأ خلاف فقهي معاصر [3] في حكم صرف الزكاة من سهم الرّقاب لفكاك الشعوب المسلمة من احتلال الكفار وذلك على قولين: [1] رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير برقم: (2881) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. [2] ينظر للاستزادة مصرف (في الرقاب) للدكتور علي القره داغي (ص 393)، ضمن أبحاث الندوة الثانية لقضايا الزكاة المعاصرة. [3] وهذا وجه اعتبار المسألة من النوازل، كما أنها من المسائل التي لم يتطرق إليها الفقهاء المتقدمون فيما وقفت عليهم.