المسألة الثانية: صرف سهم المولفة قلوبهم في إيجاد مؤسسات لرعاية المسلمين الجدد
تقدم بيان أقسام المؤلفة قلوبهم، ومن ذلك المسلمون الذين يُرتجى ثباتهم، وقُوة إيمانهم، وعلى ذلك جمهور الفقهاء [1]، حيث دلت على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، كما تقدم بيانه من عموم قوله تعالى: {وَاَلْمُؤَلَفَةِ قُلُوبُهُمْ} [2].
كما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة قلوبهم في وقائع متعددة [3]، ومن أظهر الأقسام دخولًا في هذا المسمى هم حديثو العهد بالإسلام، ممن يُرتجى ثباتهم وتقوية إيمانهم، لاتفاق الفقهاء القائلين بعدم نسخ حكم المؤلفة قلوبهم على مشروعية إعطاء هذا القسم، [4] ولعل ذلك بسبب كونهم من المسلمين، مع الحاجة إلى تأليف قلوبهم لاستثباتهم على الدين، فيستنقذون بذلك من النار، كما أن في تأليف قلوبهم نصرة للإسلام بتقوية أتباعه وثباتهم.
ومما تقدم يتبين أهمية إيجاد مؤسسات لرعاية المسلمين الجدد لما لها من مصالحَ شرعيةٍ كبيرة على الفرد والمجتمع، ولما في وجودها من قوة ونُصرة للمسلمين، لا سيما مع ضراوة الجهود المبذولة من أعداء الدين لصد المسلمين الجدد عن دينهم بتشكيكهم في حقائق الإسلام، مع الترغيب والترهيب، مما يؤدي
= وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان، قال: فغضبت قريش، فقالوا: أَتُعطِي صناديد نجد وتَدَعُنَا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم" رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم برقم: (1064). [1] ينظر (ص 390) من هذا المبحث. [2] سورة التوبة (60). [3] ينظر المطلب الأول من هذا المبحث. [4] من المالكية والشافعية والحنابلة، وقد تقدم بيان ذلك بالتفصيل في المطلب الأول من هذا المبحث.