وتحسن الإشارة ابتداءً إلى أن العاملين على الزكاة الذين يتقاضون راتبًا مكافئًا لعملهم من بيت المال لا يحق لهم الجمع في الأخذ بين بيت المال وسهم العاملين عليها، ولم أقف على خلافٍ في ذلك بين الفقهاء، فقد قرروا أن الحاكم والقاضي لا يحق لهم الأخذ من مصرف العاملين عليها لأخذهم من بيت المال، وكذا غيرهم [1].
وبتطبيق ذلك على الواقع نجد أن الموظفين في المؤسسات المختصة بجباية الزكاة وتوزيعها على نوعين:
النوع الأول منهم: ممن يتقاضى مرتبا دوريًّا من بيت مال الدولة لأجل هذا العمل، كما هو الحال في أقسام جباية الزكاة الحكومية التي تديرها الدولة، فهؤلاء كما تقدم لا يستحقون الأخذ من هذا المصرف.
النوع الثاني: العاملون في المؤسسات والجهات الأهلية التي تديرها مجالس خيرية، وإنما تشرف عليها الدولة إشرافًا عامًّا، وإلا فهي مستقلة عن الدوائر الحكومية في إدارتها المباشرة، وبالتالي فإنها تُمَوَّل من المحسنين، وهذا النوع من الموظفين هم ممن ينطبق عليهم وصف العاملين في الزكاة، وذلك لما يلي:
1 - أن النص القرآني ذَكَرَ وصف العاملين عليها في أصناف الزكاة بلا تقييد، وهذا يشمل كل مَنْ عمل عملًا في سبيل تحقيق مهمة جمع الزكاة أو توزيعها، سواء باشر ذلك أو لم يباشر، كالحافظ لها والكاتب والقاسم والحاشر [2] والكيَّال والوَّزان [1] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 43، التاج والإكليل 3/ 230، روضة الطالبين 2/ 313، قال ابن قدامة: "وإن رأى الإمام أعطاه أجرا من بيت المال، أو يجعل له رزقًا في بيت المال، ولا يعطيه منها شيئًا فعل، وإن تولى الإمام أو الوالي من قبله، أخذ الصدقة وقسمتها، لم يستحق منها شيئًا، لأنه يأخذ رزقه من بيت المال" المغني 6/ 327. [2] الحاشر: هو الذي يجمع أرباب الأموال لأخذ ما عليهم. شرح مختصر خليل 9/ 350.