وفي حديث عبيد الله بن عدي [1] قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها، فرفع فينا البصر وخَفَضَه، فرآنا جَلْدَيْن، فقال: "إن شئتما أعطيتكما، ولا حَظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب" [2].
واختلفوا في مقدار الغنى المانعِ من أخذ الزكاة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن الغنى المانعَ من أخذ الزكاة هو ما تحصل به الكفاية، فإن لم يجد ذلك جاز أخذ الزكاة، ولو ملك نصابًا، وهو المذهب لدى المالكية [3] والشافعية [4] ورواية عند الحنابلة [5]. القول الثاني: إن الغنى المانعَ من أخذ الزكاة هو الغنى الموجبُ لها، فمَن ملك نصابًا من الأموال الزكوية حَرُمَ عليه أن يأخذ من الزكاة، وهو مذهب الحنفية [6]، وقول للمالكية [7]. [1] عبيد الله بن عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي المدني، ولد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان من فقهاء قريش، مات في آخر ولاية الوليد بن عبد الملك، أي قبل سنة (96 هـ) روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [ينظر: الاستيعاب (1/ 315) تهذيب الكمال (19/ 112)]. [2] رواه أبو داود، كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وَحَدّ الغنى، برقم: (1633)، والنسائي، كتاب الزكاة، باب مسألة القوي المكتسب، برقم: (1598)، وصححه النووي في المجموع (6/ 170)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 250) "رجاله رجال الصحيح" وصححه الألباني في الإرواء (3/ 108). [3] ينظر: بلغة السالك 1/ 657، شرح مختصر خليل للخرشي 2/ 215. [4] ينظر: المجموع 4/ 173، أسنى المطالب 1/ 393. [5] ينظر: الإنصاف مع الشرح الكبير 7/ 216. [6] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 48، رد المحتار 2/ 339، على خلاف بينهم في تحديد تلك الأموال ليس هذا محل بسطه. [7] ينظر: حاشية الدسوقي 1/ 494، شرح مختصر خليل للخرشي 2/ 215.