"من ملك نصابًا من النقود ثم ملك تباعًا نقودًا أخرى في أوقات مختلفة وكانت غير متولدة من الأولى ولا ناشئة عنها، بل كانت مستقلة كالذي يوفره الموظف شهريًّا من مرتبه، وكإرث أوهبة أو أجور عقار مثلًا، فإن كان حريصًا على الاستقصاء في حقه حريصًا على ألا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه، يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول يبدأ من يوم ملكه ويخرج زكاة كل مبلغ لحاله كلما مضى عليه حول من تاريخ امتلاكه إياه.
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها، وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته، وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" [1].
وهذا القول هو الموافق للقواعد الشرعية لا سيما مع مشقة إخراج الزكاة
=ونوقش: بأن الوقت إذا دخل في الشيء رفقا بالإنسان، كان له أن يعجله ويترك الإرفاق بنفسه كالدين المؤجل، وكمن أدى زكاة مال غائب، وإن لم يكن على يقين من وجوبها، ومن الجائز أن يكون المال تالفا في ذلك الوقت، وأما الصلاة والصيام فتعبد محض، والتوقيت فيهما غير معقول، فيجب أن يقتصر عليه.
ويترجح القول الأول لقوة دليله وتعليله، مع إمكان الإجابة عن القول الثاني.
انظر في المسألة: المبسوط 2/ 176، بدائع الصنائع 2/ 50، المدونة 1/ 335، بداية المجتهد 1/ 200، تحفة المحتاج 3/ 353، أسنى المطالب 1/ 361، المغني 4/ 79، الفروع 2/ 571، التلخيص الحبير 2/ 156. [1] ينظر: الفتوى رقم (282) من مجموع فتاوى اللجنة الدائمة 9/ 280.