الترجيح:
يترجح القول بتفسير تمام الملك بأنه القدرة على التصرف بالمملوك، إلا أن ذلك لا يلزم منه إمكان التصرف فيه حالًا، وإنما يقصد منه استقرار الملك وثباته، بإمكان التصرف حالًا أو مآلًا من مالك معين، وذلك لما يلي:
1 - قوة ما استدل به القول الأول، مع الإجابة عن أدلة القول الثاني.
2 - أن تطبيقات الفقهاء القائلين باشتراط ملك اليد والرقبة تؤكد ذلك، وأن المقصود هو استقرار الملك، وإمكان التصرف حالًا أو مآلًا، فقد أوجبوا الزكاة في الدين المؤجل [1]، وفي المال الذي نسي مكانه سنين ثم وجده [2]، فيزكيه لما مضى من السنين، مع عدم! مكان التصرف حالًا في المال المذكور، إضافة إلى موافقة ذلك المعنى لما استدل به أصحاب القول الأول.
3 - كما أن مقتضى تمام الملك أن يكون المالك معينًا، وهذا ما تؤكده نصوص الفقهاء، حيث لم يوجبوا الزكاة فيما أوقف أو أوصي به على غير معين [3]، ونص [1] ينظر: (ص 207). وإن كان لا يلزم من هذا التفسير القول بزكاة الدين المؤجل مطلقًا. [2] ينظر: فتح القدير 2/ 256، التاج والإكليل 3/ 147، الإنصاف 3/ 21. [3] ينظر: رد المحتار 2/ 259، بداية المجتهد 1/ 180، وقال فيه ابن رشد: "ولا معنى لمن أوجبها على المساكين لأنه يجتمع في ذلك شيئان اثنان: أحدهما أنها ملك ناقص والثانية أنها على قوم غير معينين من الصنف الذين تصرف إليهم الصدقة لا من الذين تجب عليهم". التاج والإكليل 3/ 149، المجموع 5/ 312، 482، وقال النووي فيه: "ثمار البستان وغلة الأرض الموقوفين، إن كانت على جهة عامة كالمساجد والقناطر والمدارس والربط والفقراء والمجاهدين والغرباء واليتامى والأرامل وغير ذلك، فلا زكاة فيها، هذا هو الصحيح المشهور من نصوص الشافعي رضي الله عنه وبه قطع الأصحاب"، وانظر كشاف القناع 2/ 170، مطالب أولي النهى 2/ 16: حيث قال: "ولا زكاة في موقوف على غير معين كعلى الفقراء، أو موقوف على مسجد أو مدرسة أو رباط ونحوه، لعدم تعين المالك".