responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم نویسنده : القاضي عياض    جلد : 1  صفحه : 296
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأما قوله: الفدادون، فالقول فيه - إن شاء الله تعالى - ما قاله أبو عبيد، من أنه المكثر، لكن لا يختص هنا بالإبل وحدها، بل الإكثار الموجب للخيلاء والكبر والاحتقار لمن لا مال له، ولما كانت الإبل أفضل أموال مكثرى العرب وأعزها - ولهذا قال تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَت} [1] - وكان أصحابها أهل بداوة وجفاء وجهالة وغِلَظِ قلوب - وصفهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، وفى الحديث: تقول الأرض للميِّت ربما مشيت علىَّ فداداً. قيل فى تفسيره: أى ذا مال وذا خيلاء، وقيل: ذا وطءٍ شديد، قال تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا} [2]، وقد جاء فى تفسير هذه اللفظة عن مالك: سألت عنها فقيل لى: هم أهل الجفاء، وقال ابن درَيد: هو الشديد الوطء من نشاط ومرح، وهذا من الخيلاء، وذكر عن الأصمعى - أيضاً - يقال للرجل إذا كان جافى الكلام: إنّه لفدَّاد، وحكى عن بعضهم أن الفديد من الإبل الكثير [3]، وهذا حجة لقول أبى عبيد فى الحديث الآخر: " [هلك الفدادون إلا من أعطى] [4] من نجدتها ورسلها " فهم أصحاب الإبل كما قال.
قال القاضى: [رحمه الله] [5]: فالفدادون إذاً الذين عنى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا الحديث وصفهم بهذه الأوصاف من الجفاء والقسوة وغلظ القلوب والفخر والخيلاء هم كما فسرهم فى الحديث أهل نجد، وأهل الخيل، والإبل، والوبر ومن ربيعة ومضر [6]، وهو نحو ما قال مالك وأبو عبيد ولا يبعد منه قول الأصمعى والقتبى من أن الفدادين أصحاب الأصوات المرتفعة فى حروثهم وأموالهم ومواشيهم؛ لأن فيه الرياء والخيلاء، ولا يبعد أيضاً قول أبى عَمرو لما ذكره من الجفاء والتبدى، وبالجملة ففى هؤلاء كلهم من الخيلاء والكبر ما قال بسبب كثرة المال، ومن الجفاء والغلظة والقسوة بسبب التبدِّى، والاشتغال بأموالهم وحبِّها والإقبال عليها عن التفقه فى دين الله [تعالى] [7]، والاهتبال بمصالح دنياهم وأخراهم. وقد يكون القسوة والجفاء من طبيعة هؤلاء الذين أشار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم، ويكون وصفهم بكونهم أصحاب إبل للتعريف بهم والتعيين لهم.
وقوله فيهم: " من حيث يطلع قرنا الشيطان ورأس الكفر قبل المشرق " إشارة إلى ما نبَّه عليه من أهل نجد وربيعة ومضر؛ لأنهم الذين عاندوا النبوة وقسَوا عن إجابة الحق وقبول الدعوة، وهم بالصفة التى وصف أهل خيل وإبل وأصحاب وبر.
ونجد شرق من المدينة، أو من تبوك، على ما ذكر أنه قال بعض هذا الحديث بتبوك.

[1] التكوير: 4.
[2] الإسراء: 37، ولقمان: 18.
[3] وهى من المائتين إلى الألف.
[4] سقط من ق.
[5] سقط من ق.
[6] ربيعة ومضر فى النسب أخوان ابنا نزار بن معد بن عدنان.
[7] من ت.
نام کتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم نویسنده : القاضي عياض    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست