نام کتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح نویسنده : ابن هُبَيْرَة جلد : 1 صفحه : 127
إذا كانت من المسائل الراجعة إلى أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونسائه في مثل هذه؛ ألا ترى إلى ابن عباس توخى أن يسأل عمر في خلوة؟! فصبر عليه الزمان الطويل، وسافر معه حتى ناب مناب الأتباع في حمل الإداوة وصب الماء (35/ ب) على يدي عمر في طلب العلم، فلما سأله في موضع السؤال أجابه من غير تراخ.
* وفيه من الفقه أن ابن عباس سأل عمر بالطيب من النطق الذي ورد في حق المرأتين، وهو الذي ذكر فيه صغوهما للتوبة، ولم يذكر النطق الأول في قوله تعالى: {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا} ولا قوله: {وإن تظاهرا عليه} ولا غير ذلك، ومع ذلك فقد أشار الزهري عند قول عمر: (واعجبًا لك يا ابن العباس؛ فقال: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه)، وهذه السورة الكريمة قد نزل فيها من التهديد والوعيد، وذكر امرأة نوح وضربها مثلا للذين كفروا، وذكر امرأة فرعون وضربها مثلا للذين آمنوا، فإنه كله مما يدل على شرف منزلة المرأتين، لأنه كله تهديد دال على الإرادة لئلا يكون أبدًا ما عابتهما إلا في مقام استزادة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما نزل في هذه السورة عاد حاجزًا بينهما وبين المكروه أبدًا، ألا ترى أنه لما قال سبحانه وتعالى: {يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه} وفي قوله سبحانه: {يوم لا يخزي الله النبي} دليل على أنه قد أمن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سخطه ومن ناره، وأن الواحد منا لو قضي عليه أن يستباح حريمه أو يفضح أهله لكان ذلك خزيًا له، وحاشا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، فقوله: {يوم لا يخزي الله النبي} يدل على أنه لا يسوؤه في أحد من أزواجه خاصة أبدًا، وكيف لا وعائشة وحفصة من أفضل نساء العالمين؟
نام کتاب : الإفصاح عن معاني الصحاح نویسنده : ابن هُبَيْرَة جلد : 1 صفحه : 127