ففعلت حفصة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكن لأنتن صواحب يوسف [1]، مروا أبا بكر فليصل للناس»، فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرًا.
84 - وحدثني عن مالك، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أنه قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس بين ظهراني الناس إذ جاءه رجل فساره، فلم يدر ما ساره به حتى جهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المنافقين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جهر: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؟!» فقال الرجل: بلى، ولا شهادة له، فقال: أليس يصلي؟ قال: بلى، ولا صلاة له، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أولئك الذين نهاني الله عنهم» [2].
[قال ابن عبد البر: هكذا رواه سائر رواة الموطأ مرسلًا، وعبيد الله لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -] [3]. [1] المقصود من هذا: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}، [يوسف: 28]. وعائشة أرادت ألا يتشاءم الناس بأبي بكر - رضي الله عنه -، فلكن مقاصد ليست النصيحة الواضحة.
قلت: «إنكن صواحب يوسف» مراده - عليه السلام - في قولهن: {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} فلم يردن النصيحة إنما أردن رؤية هذا الذي فتن امرأة العزيز فتوسلن بهذه الحيلة إلى مرادهن وحصل مرداهن ... [2] هذا مرسل. والمقصود: أن من أظهر الإسلام لم يجز قتله إلا بدليل شرعي يوجب ذلك. [3] وصله روح عن مالك، وذكر عن رجل من الأنصار فالحديث متصل، قلت: رواية روح أخرجها ابن عبد البر في «التمهيد» والمحفوظ عن مالك الإرسال وكذا تابع مالكًا ابن عيينة وعقيل بن خالد عن الزهري به ووصله معمر والليث وابن أخي الزهري، فكبار أصحاب الزهري يرسلونه.