مهملة مشددة.
فإن كان الحديث في رواية أبي داود بالذال المعجمة، فيكون المراد به ما سبق ذكره من الذراع، وإن كان بالدال المهملة على التقدير الذي ذكرناه، فيكون المراد به: المعنى المطلوب من الادِّراع -بالدال المهملة- مع الإبدال والإدغام الذي أشرنا إليه، وإلا فالادراع -بالدال المهملة- على غير هذا التقدير؛ إنما هو افتعال من الدرع -بالدال المهملة- وهو لبس الدرع والدراعة، وذلك بخلاف المطلوب من الحديث؛ لأنه إنما أراد أنه أخرج يديه لا أدخلهما.
وقال الأزهري: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادرع ذراعه من أسفل الجبة ادِّراعًا.
قال النضر: ادَّرَعَ ذراعيه أي أخرجهما، وكذا قال الهروي.
فإن كانت الرواية هكذا فقد زال ذلك التعسف، والذي قاله الخطابي في معالم السنن: أنه اذّرعهما بالتشديد والذال المعجمة، فالحديث رواه أبو داود، والخطابي إنما شرح روايته -واللَّه أعلم- والذي ذهب إليه الشافعي: جواز المسح على الخفين، وأنه رخصة للمسافر والمقيم، وبه قال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عباس، وغيرهم من الصحابة.
وقد قال الحسن البصري: حدثني سبعون من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين؛ وإليه ذهب عامة الفقهاء.
وروي عن الخوارج والشيعة إنكاره [1]، وحكي ذلك عن أبي بكر بن داود.
ثم اختلف في أحكام. [1] ولهذا ترى علماء السنة يدخلون هذه المسألة -وهي من المسائل العملية- في مسائل الاعتقاد وذلك لبيان أنه لم يخالف في هذه المسأله إلا أهل البدع والضلالات، أما أهل السنة قاطبة فاتفقوا على العمل بهذه السنة.
قال ابن أبي العز: تواترت السنة عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين، والرافضة تخالف هذه السنة المتواترة.
شرح الطحاوية (320) تحقيق أحمد شاكر. وانظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (21/ 128).