وأما القدرة: فلا خلاف فيها بين الأمة لأن التكليف إنما يناط بالقادر، والاقدرة قد تنتفي عن الإنسان بمعنى يكون فيه كالتقية [2] والمرض والسجن أو بمعنى في غيره كالتمريض للقريب أو الغريب وما يشبهه [3]. وأما الإقامة: فلا خلاف فيها لأن الله تعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام، فكيف يكلفه عبادة من شرطها الخطبة [4] والإمام؟
وأما القرية:
فلا خلاف فيها أيضاً، وإنما هي مرتبطة بالشرط السابق من الإقامة وليس لها حد مقدر، ولا يوجد عليه في الشريعة دليل، بيد أن العلماء قالوا في ذلك قولًا صحيحاً. قالوا إذا لزمت الجماعة موضعاً يمكنهم فيه الاستيطان ويستغنون عن غيرهم فقد وجد الأمر كما يجب. [1] قال الظاهرية بوجوبها على العبد، وقالوا ليس لسيده أن يمنعه، وإذا منع يكون ظالماً، واستدلوا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، قالوا هذا عام يشمل العبد والحر، واستدل الجمهور بحديث طارق بن شهاب المتقدم، وقالوا الآية عامة خصص فيها العبد كما خصص الصبي والمرأة والمريض. وما ذهب إليه المؤلف هو مذهب الجمهور، وهو الأولى. وقال البغوي في شرح السنة 4/ 226، وذهب أكثرهم إلى أنه لا جمعة على العبيد، وقال داود. تجب عليهم الجمعة، وقال الحسن وقتادة: تجب الجمعة على العبد المخارج. أي إذا اتفقا على ضريبة يردها العبد على سيده كل شهر.
انظر فتح القدير 1/ 417، المجموع 4/ 353، المغني 2/ 281، المحلى 5/ 72، 81، فتح الباري 2/ 433. [2] كذا في (م)، (ص). وفي (ك) كالنيابة. [3] قال البغوي في شرح السنة 4/ 215: أما ترك الجمعة بالعذر فجائز بالاتفاق. [4] روى عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن الحسن قال: "قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ جُمُعَة" المصنف 3/ 174. وهذا مرسل صحيح الإِسناد، وقد احتج بالمرسل مالك وأبو حنيفة والجمهور من الحنفية والمالكية وجماعة من المحدثين، وأحمد في رواية، وقال جمهور المحدثين: الحديث المرسل ليس بحجة. قال الإِمام مسلم: والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجهّ. مقدمة صحيح مسلم 1/ 132.
درجة الحديث: صحيح.
نام کتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 269