نام کتاب : المسالك في شرح موطأ مالك نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 469
فإن قيل: إنّه قد رُوِيَ في حديث أبي سعيدٍ الخُدريِّ؛ أنّه قال: نَهى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - عنِ الصَّلاةِ بعدَ الزَّوالِ إلَّا يومَ الجُمعةِ [1].
قلنا: هذا حديثٌ باطلٌ، والعمدةُ فيه ما قدّمناهُ من قول من قال: إنَّ الفعلَ مختصٌّ بالنَّبيِّ لا يتعدّاه إلى غيره إلَّا بدليلِ، فَبَقِيَ النَّهيُ على حالِهِ، وبَقِيَ فِعْلُ النَّبِيِّ مختصًّا بحالِهِ وبِصِفَتِهِ، وَيعتَضِدُ ذلك بضَرْبِ عمرَ بن الخطّاب - رضي الله عنه -عليها النّاس [2]، ولو كان ذلك من شرائعِ الدِّينِ ما ضَرَبَ عمرُ، ولا أَقَرَّتْهُ الصّحابةُ على ذلك.
وأمّا حديثُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - الّذي فيه: "لا تَمْنَعُوا أحَدًا طافَ بهذا البيتِ أنّ يُصَلِّيَ أَيَّةَ ساعةٍ شاءَ من لَيلٍ أو نَهَارٍ" [3] فإنّه عامٌّ يَخُصُّهُ ما تقدَّمَ من الأحاديثِ.
وأمّا ما قاله الدَّارقطنيُّ: "إلَّا بمَكَّةَ" فإنّه لا يَصِحُّ، فلا يُشتَغَلُ بِهِ.
نكتةٌ أصوليّةٌ ([4]):
قال الإمام الحافظ - رضي الله عنه -: لا خلافَ بين المتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ من العلماء أنّ العامَّ والخاصَّ إذا تَنَافَيَا فإنّهما يتعارضَانِ، كقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [5] فإنّه أمرٌ بالقتلِ، وكقوله: إنّه نَهَى عن قتل النِّساءِ والصِّبيَانِ [6]. وذلك منعٌ من القتلِ، مُخرِجٌ للمرأةِ عن قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [7] بنَصِّ عن نَصِّ، ومُخرِجٌ لقتل الصِّبيان [8] عن قتل المشركين بظاهرٍ عن نصِّ. [1] أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار من طريق أبي نضرة العبدي 2/ 278 (1326). [2] أخرجه البخاري (1233)، ومسلم (834) من حديث كُرَيب مَولى ابن عبّاس. [3] سبق تخريجه. [4] انظرها في القبس: 2/ 428. [5] التوبة: 5، وانظر أحكام القرآن: 1/ 901. [6] أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (1291) رواية يحيى. [7] التوبة: 5، وانظر أحكام القرآن: 1/ 901. [8] في القبس: "ومخرج لقتل".
نام کتاب : المسالك في شرح موطأ مالك نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 469