وأما على رأي من يرى أن المأمور به ينطلق على غير الواجب فيكون الجواب على ما قدمناه قبل هذا.
لم يترك المازري نقطة يتعلق بها المخالف للمذهب المالكي القائل بجواز صلاة المفترض وراء المتنفل إذ استخرج الاحتمالات كلها فنوّعها أولاً على الروايتين:
الأولى: رواية "بهذا أمرتَ" (بتاء الخطاب) في "أمرتَ" لأن هذه الرواية تقتضي أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - هو المأمور بالصلاة فهي واجبة عليه دون جبريل إذ لم يؤمر.
وحين نزول تعليم الصلاة أمَّ جبريل النبيء - صلى الله عليه وسلم - وهو متنفل لأنه لم يؤمر بها وإنما المأمور بها النبيء - صلى الله عليه وسلم - فهي واجبة عليه، وبهذا تكون صلاة المفترض وراء المتنفل، ويؤخذ من ذلك الجواز.
وأجاب المازري عن هذه الرواية بأنها لا تفيد المتعلق بها بأجوبة تطرق فيها لكل الاحتمالات.
وكذلك تطرق لاحتمالات الرواية الثانية وهي التي جاء فيها قوله: "وبذلك أمرتُ" (بضم تاء المتكلم) فيكون جبريل مأموراً أيضاً.
الإِشادة بطريقة المازري:
تمثل طريقة المازري الفقهية الطريقة القيروانية الأصيلة وإلى هذه الطريقة أشار في "أزهار الرياض". والعلة في ذلك -أي في التمكّن من ملكة التصرف- كون صناعة التعليم وملكة التلقي لم تبلغ فاسا كما هي بمدينة تونس، اتصلت إليهم من الإِمام المازري، كما تلقاها عن الشيخ اللخمي عن حذاق القيروانيين، وانتقلت ملكة التعليم إلى الشيخ ابن عبد السلام مفتي