"أن كعب بن عجرة دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا، وقال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [234]. وهذا الذم وإطلاق الخبيث عليه يشير إلى أن القيام كان عندهم واجبا. وأما ظاهر الآية فلا دليل فيها إلاّ من جهة إثبات القيام للنبيء - صلى الله عليه وسلم -. ويحمل ذلك على أن المراد به أنه كان قائماً يخطب وأن أفعاله على الوجوب.
333 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أوْ ضَيَاعًا فَإلَيّ وَعَلَيّ" (ص 592).
قال النضر بن شميل: الضَيَاع: العيال. قال ابن قتيبة: هو مصدر ضاع يضيع ضياعا، ومثله مضى يمضي مضاء، وقضى يقضي قضاء، أراد: من ترك عيالاً عالة وأطفالاً، فجاء بالمصدر نائباً عن الاسم كما تقول: وترك فقرًا أيْ فقراء: والضِّياع (بكسر الضاد) جمع ضائع مثل: جائع وجياع. وفي الحديث: "أفْسَدَ الله عليه ضَيعَتَهُ". قال الهروى: ضيعة الرجل: ما يكون منه معاشه من صناعة أو غلة وغيرها. كذلك أسمعَنِيهِ الأزهرى.
قال شمر: ويَدخل فيه الحِرفة والتجارة يقال: ما ضيعتك؟ فيقول: كذا.
334 - قوله: "كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ قَائِمًا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ فَانْفَتَلَ النَّاسُ إلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إلاَّ اثنا عَشَرَ رَجُلاً" الحديث (ص 590).
قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في أقل من تقام بهم الجمعة. فقيل: مائتان. وقال عمر بن عبد العزيز: خمسمون. وقال الشافعي: أربعون. وقال غيره: اثنا عشر، واعتمد على ما وقع في هذا الحديث. وقال أبو حنيفة: أربعة إذا كانوا في مصر. وقال غيره: ثلاثة. وقال غيره: [234] (11) الجمعة. والخبر أخرجه مسلم (ص 591).