يثبت فيها ما شاء، وكان من رأي عثمان والجماعة منع ذلك لئلا يتطاول الزمان وينقل عنه القرآن فيخلط به ما ليس منه فيعود الخلاف إلى مسألة فقهية، وهي جواز إلحاق بعض التفاسير بأثناء المصحف أو منع ذلك. ويحمل أيضاً ما روي من إسقاط المعوذتين من مصحفه على أنه اعتقد أنه لا يلزمه أن يكتب كل ما كان من القرآن وإنما يكتب منه ما كان له فيه غرض، وكأنَّ المعوذتين لقصرهما وكثرة دورهما في الصلاة والتعوذ بهما عند سائر الناس اشتهرت بذلك اشتهاراً استغنى معه عن إثبات ذلك في المصحف.
319 - قَوْلُ عُمر رضي الله عنه: "نَهَى النَّبِيءُ - صلى الله عليه وسلم - عَن الصَّلاَةِ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تطلُعَ الشَّمْسُ" (ص 566).
قال الشيخ -وفقه الله- التنفل بعد الصبح وبعد العصر من غير سبب يقتضيه منهي عنه. واختلف العلماء فيما له سبب كتحية المسجد وشبهه، فمنعه مالك أخذًا بعموم هذا الحديث، وأجازه الشافعي تعلقاً بحديث أمّ سلمَةَ في "صلاة النبيء - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ العَصْرِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْر لَمَّا شُغِلَ عَنهُمَا" [209].
320 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الشَّمْسِ: " فَإنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَي الشَّيْطَانِ". وفي حديث آخر: "تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَي الشَّيْطَانِ" (ص 567 - 570).
قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في المراد بقرن الشيطان هاهنا فقيل: قرن الشيطان حزبه وأتباعه. وقيل: قوته وطاقته، ومنه قول الله تعالى: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [210]، أي مطيقين، وقيل: إن ذلك استعارة وكناية عن إضراره لما كانت ذوات القرون تتسلط بقرونها على الأذى استعير للشيطان ذلك. وقيل: القرنان جانبا الرأس فهو على ظاهره. [209] هذا الحديث أخرجه مسلم بعدُ في صفحة (571). [210] (13) الزخرف.