الخدري أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن كانت خامسة شفعها". ونص فيه على السجود قبل مع تقدير الزيادة وجوازها والمقدر حكمه كالموجود. ويتأول حديث ابن مسعود الذي فيه السجود بعد السلام على أنه - صلى الله عليه وسلم - إنّما أعلم بسهوه بعد أن سلم ولو اتفق أن يعلم ذلك قبل أن يسلم لسجد حينئذ.
وأما حديث ذي اليدين فلأصحاب الشافعي فيه تأويلان:
أحدهما: أن قول الراوي: "سجد بعد السلام" يعني به السلام الذي في التشهد وهو قوله: السلام عليك أيها النبيء ورحمة الله [وبركاته].
والثاني: أنها كانت صلاة جرى الأمر فيها على السهو، فلعله - صلى الله عليه وسلم - سها أن يسجد قبل أن يسلم فوقع منه السجود بعد أن سلم.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذي اليدين: "كلّ ذلك لم يكن" فقد اعتذر فيه العلماء باعتذارين:
أحدهما: أن المراد لم يكن القصر والنسيان معا، وكان الأمر كذلك وهذا اعتذار ضعيف.
والثانى: أن المراد الإِخبار عن اعتقاده وظنه فكأنه مقدّر النطق به وإن كان محذوفاً، فلو قال: كل ذلك لم يكن في ظني، ثم كشف الغيب أنه كان لم يكن كاذبا، فكذلك إذا قدر محذوفا مرادا.
واختلف أصحاب مالك فيمن وقع منه هذا الفعل المذكور في قصة ذي اليدين. فقال بعضهم: لا يؤخذ به لأن النسخ حينئذ كان مجوزا فعذر بذلك المتكلم، ولما استقر الأمر الآن لم يعذر. والرد على هذا القائل بأنهم تكلموا بعد أن أعلمهم أن لا نسخ. وانفصل عن هذا بأنه - صلى الله عليه وسلم - سألهم فلا بد من مجاوبته للزوم طاعته فكان ذلك خارجاً عن الكلام الذي لا يلزم في الشرع. وقد يجاوب عن هذا أيضاً بأن يقال: يمكنهم أن يجاوبوه إشارة إذ لم يكن استدعَى منهم النطق.