غيره. وكم من منة للغزالي، وسواء عرف من أخذ عنه التصوف أم لا فالاعتقادات هي هبة من الله تعالى ليست رواية [134].
وأن الثاني يرى أن الأشياء المنتقدة تحط من قيمة الكتاب رغم ما فيه من محاسن فهي جديرة بالحذف والطرح لأنه قد حاسب بدقة غلطات الإِحياء لما سئل عن الكتاب وبالطبع أن السؤال يرمي إلى أنه كتاب يمكن الاعتماد عليه في الدين والتعبد بمقتضاه أو لا فأبدى رأيه فيه.
تحقيق:
ولتحقيق اختلاف الاتجاهين نشرح باختصار نظرية المنتقِد (بالكسر) ونظرية المنتقَد (بالفتح).
أما الأول فإنه يحب التمسك بالسنة الصحيحة ويجاريها في النقير والقمطير دون أن يحيد عنها قيد أنملة مع تفتح عقلي لا يخرج بصاحبه عن المبادىء المسطرة والمستخرجة من الكتاب الكريم والسنة النبوية ولهذا نراه كثير التوفيق بين النقل والعقل وهو ما انبنى عليه الإِسلام لأنه ما كانت المبادىء الإِسلامية في كثيرها وقليلها مخالفة لما منحنا الله من عقل سليم تفضلاً منه ومنة. وهو في علمه الانسجامي لا يلتقي مع التصوف وما جاء به من آراء شاذة بقطع النظر عن التصوف السليم من الغموض والقول بالوحدة الوجودية والتصوف المرتطم في ذلك حتى ذهب بأصحابه إلى الغلوّ بل إلى الاقتراب من المروق من الدين.
فعدم الالتقاء مع التصوف مهما كان نوعه جعل منتقد الإِحياء ينحي باللائمة على صاحب كتاب الإِحياء في مزجه الإِسلام بالتصوف فهو يريده إِسلاماً مجرداً من كل شائبة وإِسلاماً خالصاً من كل ما يعلق به مما يراه خارجاً عنه، ويريده كما أستخلصه الإِمامان مالك والأشعري صافياً غير [134] طبقات الشافعية للتاج السبكي (ج 4 ص 131).