أنْتَ الذِي كانت تُبَشَّرُنَا بِهِ ... في كُتْبِهَا الأحْبَار والأخْبَارُ
هَذَا إمَام المُتَّقِينَ وَمَنْ بِهِ ... قد دُوّخ الطُّغْيَان والكُفَّارُ
هَذَا الَّذِي تُرْجَى النَّجَاة بِحُبِّه ... وبهِ يحط الإِصْر والأوْزَارُ
هَذَا الَّذِي تُجْدِي شَفَاعَتُهُ غَدًا ... حَقًّا وَتَخْمَد أنْ تَرَاه النَّار
إلى أن يقول له حين سيصير قطين مصر:
أمُعِزَّ دِين الله إن زِمَامَنَا ... بك فيهِ بَأوٌ [6] جَلَّ واسْتِكْبَارُ
ها أنَّ مصر غَدَاةَ صِرْتَ قَطِينَهَا ... أَحْرَى لتحسُدهَا بكَ الأقْطَار (7)
موقف أهل السنة من إظهار الدعوة بجلاء:
ولما تجلت الدعوة الفاطمية وأسفرت عن وجهها الحقيقي كانت بإفريقية مقاومة الفقهاء من المالكية الذين تصدَّوا لهذه الدعوة قد وقفت في وجهها، وهي مقاومة من نوع أجدى من حمل السيف وبذلك حالوا بينها وبين الشعب.
فمن المقاومة الأولى حين تأسيس الدعوة ما قام به ابن خَيْرون، فإنه عُذب من أجل أنه سُعِيَ به لدى عبيد الله المهدي، فقتل رفسا بأرجل السودان.
ولم يترك فقهاء القيروان أرضهم بل صمدوا عاملين للسنة بكل ما أوتوا من قوة وقد صرح بصبر أهل القيروان، وثباتهم ووقوفهم في وجه هذه الدعوة ابن ناجي في كتابه "معالم الإيمان".
"وجزى الله مشيخة القيروان: هذا يموت، وهذا يُضرب، وهذا [6] البأو: العظمة والكبر.
(7) تبيين المعاني ص 365.