نرى غيره رغم إطالته في الرد لم يأت بدليل محكم كالدليل الذي يأتي به صاحب المعلم.
ولو سلك علماء الكلام ما سلكه المازري لكَفْوا المطلع تلك الإِفاضة التي ربما يتيه فيها النظر ولا يقف على الغاية إلا بعد الجهد المضني والانتقال في شتى الأدلة التي لا يمكن أن يستقل دليل منها بالإِقناع بخلاف ما ذهب إليه فإنه يرمى إلى روح المسألة ويكتفي بما هو مقنع بنفسه دون احتياج إلى ضميمة أمر آخر إليه. وفي هذا ضمان لتنقية العقيدة بأبسط الطرق وأمتنها وأقربها إلى عقل الباحث.
القضاء والقدر
من المباحث التي هي محل خلاف بين الأشعرية والمعتزلة مسألة القضاء والقدر، وهي من الأهمية بمكان فقد شغلت أقلام الكثير من الكاتبين في الأعصر السالفة والأعصر الحاضرة مما يدل على أنها لا تزال تشغل أفكار الكثير من الباحثين وهي مما يحق أن يتناولها قلم صاحب المعلم لأنها من أهم ما هو حقيق بالتصدي للذب عن الأشعرية فيه.
وسنرى ما هو موقف المازري من هذه القضية الشائكة التي لا بد فيها من قول فصل، في رد شبهات المتسورين على القضاء والقدر، فإن هناك رمياً للقول على عواهنه، وزجاً بالأفكار في مزالق قد تفضي إلى زيغ القلوب وحيرة الأفكار.
ولأهمية هذه القضية سلك مسلم في صحيحه وهو الكتاب المعلق عليه بالمعلم مسلكاً رضياً نقياً، وفي الآن نفسه كان حكيماً حيث بادر بحديث ابن عمر الذي جر إليه أن يحيى بن يعمر [112] الذي تحير في الموقف حين [112] يحيى بن يعمر التابعي، توفي قبل التسعين.