بابه [83]: "أن يقول حاملاً على أهل قرطبة وبالطبع في ضمنهم المازري المتوسع في ذلك. وعلى هذا الشرط ترتب إيجاب عمل القضاة بالأندلس ثم انتقل إلى المغرب، قلت: وانتقل إلى تونس، فبينما نحن ننازع الناس في عمل المدينة ونصيح بأهل الكوفة سنح لنا بعض الجمود ومعدن التقليد.
الله أخَّرَ مُدَّتِي فَتَأخَّرَتْ ... حَتَّى رأيْتُ مِنَ الزَّمَانِ عَجَائِبًا
يا لله للمسلمين ذهبت قرطبة وأهلها ولم يبرح من الناس جهلها".
ونحن يتحتم علينا أن نقف هنا لنحرر الموقف ونجيب عن تساؤل ابن دقيق العيد وندفع عن المازري اتباعه لوصمة الجهل مبينين للأمور الحاملة له على ذلك:
الأمر الأول: أن المازري عاش تلك الفترة التي أسلفنا إجمال الحديث عنها في صدر هذه الكلمة وهي فترة الانقسام السياسي والانقسام العقائدي وما جره كلاهما من ويلات قاسى منها الشعب الصقلي والشعب الإِفريقي ما قاسيا حتى أدَّى بهما آخر الأمر إلى ضياع صقلية وإشراف السواحل الإِفريقية على الضياع لولا دولة المرابطين ثم الدولة الموحدية التي أنقذت بالفعل هذه البلاد من ذهاب الإِسلام.
وإني أعتقد اعتقاداً جازما أن المازري ما صده عن ادعاء الاجتهاد إلا أنه لم يرد أن يزيد الطين بلة ويوسع شقة الخلاف بين أمة توزعها المنتزون في الأطراف وحتى في قلب البلاد وقاست من الانقسام بين سنة وشيعة ما قاست مما أدى إلى نزوح الهلاليين الذين كانوا نكبة عظمى على البلاد.
وهذا من المازري يدل على رجاحة عقل وبعد نظر لجمع الكلمة فأيهما [83] ومن هذا الكتاب نسخة في مكتبة الوالد المرحوم.