نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 2 صفحه : 117
ريحها كالسم في أنفي (وأحرقني ذكاؤها) بفتح الذال المعجمة والمد، وهو الذي في فرع اليونينية.
قال النووي، وهو الذي وقع في جميع الروايات، أي: أحرقني لهبها واشتعالها وشدة وهجها، ولأبي ذر، مما في هامش الفرع، وصحح عليه: ذكاها بالفتح والقصر. قال النووي: وهو الأشهر في اللغة، وذكر جماعة أنهما لغتان. اهـ.
وعورض بأن ذكا النار مقصور يكتب بالألف، لأنه من الواو من قولهم: ذكت النار تذكو ذكوًا، فأما ذكاء بالمدّ فلم يأت عنهم في النار، وإنما جاء في الفهم.
(فيقول) الله تعالى: (هل عسيت) بفتح السين وكسرها، وهي لغة مع تاء الفاعل مطلقًا، ومع نا، ومع نون الإناث، نحو: عسينا وعسين، وهي لغة الحجاز، لكن قول الفراء: لست أستحبها لأنها شاذة يأبى كونها حجازية.
وأجيب بأن المراد بكونها شاذة أي: قليلة بالنسبة إلى الفتح، وإن ثبتت فعند أقلهم جمعًا بين القولين.
(إن فعل ذلك) الصرف الذي يدل عليه قوله الآتي، إن شاء الله تعالى: الصرف وجهي عن النار. والهمزة من أن مكسورة حرف شرط، وفعل بضم الفاء وكسر العين، مبنيًّا للمفعول، (بك أن تسأل) بفتح همزة أن الخفيفة، وتاليها نصب بها (غير ذلك) بالنصب بتسأل. (فيقول) الرجل: (لا، و) حق (عزتك) لا أسأل غيره، (فيعطي الله) أي الرجل (ما يشاء) بياء المضارعة، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: ما شاء، (من عهد) يمين (وميثاق، فيصرف الله) تعالى (وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها) أي: حسنها ونضارتها، وهذه الجملة بدل من جملة: أقبل على الجنة (سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا رب قدّمني عند باب الجنة. فيقول الله) عز وجل. (له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق) اسم ليس ضمير الشأن، ولأبي ذر والأصيلي: والمواثيق (أن لا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب) أعطيت العهود، لكن كرمك يطمعني (لا أكون أشقى خلقك). قال الكرماني: أي لا أكون كافرًا، وللكشميهني: لا أكونن.
وقال السفاقسي: المعنى: إن أنت أبقيتني على هذه الحالة ولا تدخلني الجنة، لأكونن أشقى خلقك الذين دخلوها. والألف زائدة في: لا أكون.
(فيقول) الله: (فما عسيت) بكسر السين وفتحها. (إن أعطيت ذلك): التقديم إلى باب الجنة (أن لا تسأل غيره). بكسر همزة إن الأولى: شرطية، وفتح الثانية: مصدرية وضم همزة أعطيت، ولا زائدة كهي في {لئلا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 129] أو أصلية.
وما في قوله: فما عسيت نافية، ونفي النفي إثبات، أي: عسيت أن تسأل غيره. وأن لا تسأل خبر عسى وذلك: مفعول ثان لأعطيت، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: أن تسأل، بإسقاط لا. فما استفهامية، وإنما قال الله تعالى ذلك، وهو عالم كان وما يكون، إظهارًا لا عهد من بني آدم من نقض العهد، وأنهم أحق بأن لهم ذلك، فمعنى عسى راجع للمخاطب لا إلى الله تعالى.
(فيقول) الرجل (لا و) حق (عزتك لا أسأل) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: لا أسالك، (غير ذلك فيعطي) الرجل (ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه) الله (إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها) بفاء العطف على بلغ، كقوله (وما فيها من النضرة) بالضاد المعجمة الساكنة، أي البهجة (والسرور) تحير، (فيسكت ما شاء الله أن يسكت)، بالفاء التفسيرية، وأن مصدرية أي: ما شاء الله سكوته حياءً من ربه، وهو تعالى يحب سؤاله لأنه يحب صوته، فيباسطه بقوله: لعلك إن أعطيت هذا تسأل غيره؟ وهذه حالة المقصر، فكيف حالة المطيع.
وليس نقض هذا العبد عهده جهلاً منه، ولا قلة مبالاة، بل علمًا منه أن نقض هذا العهد أولى من الوفاء، لأن سؤاله ربه أولى من إبرار قسمه.
قال عليه الصلاة والسلام: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير. وجواب إذا محذوف وتقديره نحو: تحير كما مر.
(فيقول: يا رب أدخلني الجنة. فيقول الله) عز وجل: (ويحك) نصب بفعل محذوف، وهي كلمة رحمة، كما أن ويلك كلمة عذاب (يا ابن آدم ما أغدرك!) صيغة تعجب من الغدر، وهو ترك الوفاء (أليس قد أعطيت العهد والميثاق) بفتح
نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 2 صفحه : 117