نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 1 صفحه : 167
في الحرمة باليوم والشهر والبلد لاشتهار الحرمة فيها عندهم، وإلاّ فالمشبه إنما يكون دون المشبه به، ولهذا قدّم السؤال عنها مع شهرتها لأن تحريمها أثبت في نفوسهم، إذ هي عادة سلفهم وتحريم الشرع طارئ، وحينئذ فإنما شبه الشيء بما هو أعلى منه باعتبار ما هو مقرر عندهم (ليبلغ الشاهد) أي الحاضر في المجلس (الغائب) عنه ولام ليبلغ مكسورة فعل أمر ظاهره الوجوب وكسرت غينه لالتقاء الساكنين، والمراد تبليغ القول المذكور أو جميع الأحكام (فإن الشاهد عسى أن يبلغ من) أي الذي (هو أوعى له) أي للحديث (منه) صلة لأفعل التفضيل وفصل بينهما بله للتوسع في الظرف، كما يفصل بين المضاف والمضاف إليه كقراءة ابن عامر زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم بضم الزاي ورفع اللام ونصب الدال وخفض الهمزة، والفاصل غير أجنبي. واستنبط من الحديث أن حامل الحديث يؤخذ عنه وإن كان جاهلاً بمعناه وهو مأجور بتبليغه محسوب في زمرة أهل العلم. وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة، ورواته كلهم بصريون، وأخرجه المؤلف في الحج والتفسير والفتن وبدء الخلق، ومسلم في الديّات، والنسائي في الحج والعلم.
هذا (باب) بالتنوين وهو ساقط في رواية الأصيلي (العلم قبل القول والعمل) لتقدمه بالذات عليهما لأنه شرط في صحتهما إذ إنه مصحح للنيّة المصححة للعمل، فنسبه المؤلف على مكانة العلم خوفًا من أن يسبق إلى الذهن من قولهم لا ينفع العلم إلا بالعمل توهين أمر العلم والتساهل في طلبه (لقول الله تعالى) وللأصيلي عز وجل {فاعلم} أي يا محمد (أنه لا إله إلاّ الله فبدأ) تعالى (بالعلم) أوّلاً حيث قال: فاعلم ثم قال: واستغفر إشارة إلى القول والعمل، وهذا وإن كان خطابًا له عليه الصلاة والسلام فهو يتناول أمته أو الأمر للدوام والثبات كقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 1] أي دُم على التقوى، (وأن العلماء هم ورثة الأنبياء) بفتح همزة أن عطفًا على سابقه أو بكسرها على الحكاية (ورثوا) بتشديد الراء المفتوحة أي الأنبياء أو بالتخفيف مع الكسر أي العلماء ورثوا (العلم من أخذه أخذ) من ميراث النبوّة (بحظ وافر) أي بنصيب كامل، وهذا كله قطعة من حديث عند أبي داود والترمذي وابن حبّان والحاكم مصححًا من حديث أبي الدرداء، وضعفه غيرهم بالاضطراب في سنده، لكن له شواهد يتقوّى بها ومناسبته للترجمة من جهة أن الوارث قائم مقام المورث فله حكمه فيما قام مقامه فيه. (ومن سلك طريقًا) حال كونه (يطلب به) أي السالك (علمًا سهل الله له طريقًا) أي في الآخرة أو في الدنيا بأن يوفّقه للأعمال الصالحة الموصلة (إلى الجنة) أو هو بشارة بتسهيل العلم على طالبه لأن طلبه من الطرق الموصلة إلى الجنة، ونكر علمًا كطريقًا ليندرج فيه القليل والكثير وليتناول أنواع الطرق الموصلة إلى تحصيل العلوم الدينية. وهذه الجملة أخرجها مسلم من حديث الأعمش عن أبي صالح والترمذي وقال: حسن، وإنما لم يقل صحيح لتدليس الأعمش، لكن في رواية مسلم عن الأعمش حدّثنا أبو صالح فانتفت تهمة تدليسه. وفي مسند الفردوس بسنده إلى سعيد بن جبير قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "ارحموا طالب العلم فإنه متعوب البدن لولا أنه يأخذ بالعجب لصافحته الملائكة معاينة ولكن يأخذ بالعجب ويريد أن يقهر من هو أعلم منه". (وقال) الله (جل ذكره) وفي رواية جل وعز: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه} أي يخافه {مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] الذين علموا قدرته وسلطانه، فمن كان أعلم كان أخشى لله، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "أنا أخشاكم لله وأتقاكم له". (وقال) تعالى: {وما
يعقلها} أي الأمثال المضروبة وحسنها وفائدتها {إِلَّا الْعَالِمُون} [العنكبوت: 43] الذين يعقلون عن الله فيتدبرون الأشياء على ما ينبغي. وقال تعالى حكاية عن قول الكفار حين دخولهم النار: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ} أيّ كلام الرسل فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش اعتمادًا على ما لاح من صدقهم بالمعجزات {أَوْ نَعْقِلُ} فنفكر في حكمه ومعانيه تفكر المستبصرين {مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10] أي في عدادهم وفي جملتهم. (وقال) تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] قال القاضي ناصر الدين
نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 1 صفحه : 167