نام کتاب : شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري نویسنده : القسطلاني جلد : 1 صفحه : 165
(جالس) حال كونه (في المسجد) المدني (والناس معه) جملة حالية (إذ أقبل) جواب بينما (ثلاثة نفر) بالتحريك، ولم يسم واحد من الثلاثة أي ثلاثة رجال من الطريق فدخلوا المسجد كما في حديث أنس، فإذا ثلاثة نفر مارّين (فأقبل اثنان) منهم (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذهب واحد. قال: فوقفا على) مجلس (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أو على هنا بمعنى عند قاله في الفتح. وتعقبه صاحب عمدة القاري بأنها لم تجئ بمعناها، وزاد الترمذي والنسائي وأكثر
رواة الموطأ، فلما وقفا سلما (فأما) بفتح الهمزة وتشديد الميم تفصيلية (أحدهما) بالرفع مبتدأ خبره (فرأى فرجة) بضم الفاء (في الحلقة فجلس فيها) وأتى بالفاء في قوله فرأى لتضمن أما معنى الشرط ولابن عساكر فرجة بفتح الفاء وهي والضم لغتان وهي الخلل بين الشيئين قاله النووي فيما نقله في عمدة القاري، (وأما الآخر) بفتح الخاء أي الثاني (فجلس خلفهم) بالنصب على الظرفية (وأما الثالث فأدبر) حال كونه (ذاهبًا) أي أدبر مستمرًا في ذهابه ولم يرجع، وإلا فأدبر بمعنى مرّ ذاهبًا (فلما فرغ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما كان مشتغلاً به من تعليم القرآن أو العلم أو الذكر أو الخطبة أو نحو ذلك (قال ألا) بالتخفيف حرف تنبيه والهمزة يحتمل أن تكون للاستفهام ولا للنفي (أخبركم عن النفر الثلاثة) فقالوا: أخبرنا عنهم يا رسول الله. فقال: (أما أحدهم فأوى) بقصر الهمزة أي لجأ (إلى الله تعالى) أو انضم إلى مجلس الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فآواه الله إليه) بالمد أي جازاه بنظير فعله بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه أو يؤويه يوم القيامة إلى ظل عرشه، فنسبة الإيواء إلى الله تعالى مجاز لاستحالته في حقه تعالى، فالمراد لازمه وهو إرادة إيصال الخير، ويسمى هذا المجاز مجاز المشاكلة والمقابلة. (وأما الآخر) بفتح الخاء (فاستحيا) أي ترك المزاحمة حياء من الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن أصحابه وعند الحاكم، ومضى الثاني قليلاً ثم جاء فجلس. قال في الفتح: فالمعنى أنه استحيا من الذهاب عن المجلس كما فعل رفيقه الثالث، (فاستحيا الله منه) بأن رحمه ولم يعاقبه فجازاه بمثل ما فعل، وهذا أيضًا من قبيل المشاكلة لأن الحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يذم به، وهذا محُال على الله تعالى فيكون مجازًا عن ترك العقاب، حينئذ فهو من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم. (وأما الأخر) وهو الثالث (فأعرض) عن مجلس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يلتفت إليه بل ولّى مدبرًا (فأعرض الله) تعالى (عنه) أي جازاه بأن سخط عليه، وهذا أيضًا من قبيل المشاكلة لأن الإعراض هو الالتفات إلى جهة أخرى، وذلك لا يليق بالباري تعالى فيكون مجازًا عن السخط والغضب، ويحتمل أن هذا كان منافقًا فأطلع الله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أمره، ورواة هذا الحديث مدنيون وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والأخبار وتابعي عن مثله. وأخرجه المؤلف في الصلاة، ومسلم والترمذي في الاستئذان، والنسائي في العلم.
9 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»
(باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رب مبلغ) بفتح اللام لا بكسرها إليه عني يكون (أوعى) أي أفهم لما أقوله (من سامع) مني، وقول مجرور بالإضافة، ورب حرف جر يفيد التقليل لكنه كثر في الاستعمال للتكثير بحيث غلب حتى صارت كأنها حقيقة فيه وتنفرد عن أحرف الجر بوجوب تصديرها وتنكير مجرورها ونعته إن كان ظاهرًا وغلبة حذف معداها ومضيه وبزيادتها في الإعراب دون المعنى ومحل مجرورها رفع على الابتداء نحو قوله: هنا رب مبلغ فإنه وإن كان مجرورًا بالإضافة لكنه مرفوع على الابتدائية محلاً وخبره يكون المقدّر، وأوعى صفة للمجرور، وأما في نحو: ربّ رجل لقيت فنصب على المفعولية في نحو: ربّ رجل صالح لقيت فرفع أو نصب.