الحديث الثالث عشر، والرابع عشر
بَابُ المَوَاقِيتِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ: ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّام الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، «هُنَّ لَهُنَّ وَلَمِنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ أَوِ العُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] [1].
وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لِأَهْلِ العِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ [2].
وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ - رضي الله عنه -، إِلَّا أَنَّ رَواِيهِ شَكَّ فِي رَفْعِهِ [3].
وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ هُوَ الَّذِي وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ [4]. [1] أخرجه البخاري (1524)، ومسلم (1811). انظر تحفة الأشراف (5/ 21). [2] منكر: أخرجه أبو داود (1739)، والنسائي (5/ 123)، وقال ابن عدي في «الكامل» (1/ 408): أنكر أحمد على أفلح قوله: «ولأهل العراق ذات عرق». انظر تحفة الأشراف (12/ 254). [3] أخرجه مسلم برقم (1183)، ولكن راويه عن جابر قال: (أحسبه رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) ظاهره انه ليس بمرفوع ومما يؤكد ذلك أنه لم يثبت رفع هذا بحديث صحيح كما قال أهل العلم.
فقال ابن خزيمة في صحيحه (4/ 159): أنه لا يثبت عند أهل الحدث منها شيء أي: من رفع توقيت ذات عرق أهل العراق. اهـ. وقال ابن منذر: لم نجد في ذات عرق حديثًا ثابتًا.
وكما ذكر الشافعي في مسنده (ص815) عن طاوس قال: لم يُوَقِّتْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ عِرْق ولم يَكُنْ حِينئذٍ أهْلُ مَشْرِقٍ، ثم قال ولا أحسبه إلا كما قال طاوس.
ولأحمد عن صداقة أنه قال له قائل: فأين العراق؟ فقال: لم يكن يومئذ عراق. ونقل مثل هذا عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.
وكذا قال مالك في «المدونة»، والشافعي في «الأم».
وانظر: «نصب الراية» (3/ 12 وما يليها). [4] أخرجه البخاري برقم (1531). عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: لما فتح هذان المصران أتوا عمر، فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُدَّ لأهل نجد قرنًا، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرنًا شق علينا، قال: فانظروا حذوها من طريقكم، فحدَّ لهم ذات عرق.
والمصران هما: البصرة والكوفة. [النهاية (4/ 336)].