وحساب وهذا هو المراد: فليس فيه مدح للأمية مطلقة، وإنما الأمة الأمية تتعاطى هذا في مسألة الهلال ولا تتعاطى الكتاب والحساب؛ وأما الأمر بالكتابة والتعلم فهذا قد جاء في أخبارٍ وآثارٍ؛ فقد روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحثُّ على التعلم حيث قال عليه الصلاة والسلام للشفاء بنت عبد الله: «علِّمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة» فأمرها بأن تعلمها الكتابة ....» إلخ كلامه رحمه الله تعالى.
على أنه جاء في بعض الأخبار أن «من علامات الساعة فشو القلم» جاء هذا من حديث عمرو بن تغلب وجاء عن غيره [1] ولكن في هذه الأخبار - أخبار فشو القلم أو ظهور القلم - ضعف إن صح شيء منها فالأمة مهما بلغت توجد نسبة الأمية فيها بكثرة.
فالمراد بقوله: «إنا أمة أمية» لا نكتب ولا نحسب أن المراد بذلك هو في نفس الحكم هذا.
مسألة: هل صحَّ في أدعية رؤية الهلال شيء أم لا؟
الجواب: أن ظاهر المنقول عن بعض الحفاظ مثل أبي داود والعقيلي أنه لا يصلح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسألة رؤية الهلال شيء، حتى قال أبو داود: ليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رؤية الهلال حيث مسند، وأمثل ما في مسألة الدعاء عند [1] وحديث عمرو بن تغلب أصله في الصحيح دون هذه اللفظة «وفشو القلم» فهي غير محفوظة في حديث عمرو وليس هذا موضع بسط الكلام عليها هنا، ولها شاهد من حديث ابن مسعود عند أحمد (1/ 407) وفي إسناده نظر بهذا اللفظ ولو صح فهو محمول على ظهور الكتابة ولا يعارضه أحاديث رفع العلم فالمراد العلم الشرعي فيقل جدًا مع وجود الكتبة، وهذا حال عصرنا بل قبله بدهور تجد الرجل كاتبًا ذا (شهادات عصرية كثيرة) ولا يفقه من دينه شيئًا، والله المستعان.