طلبه للعلم:
أقبل الإِمام الشافعي رضي الله عنه على طلب العلم منذ الصغر، وكان قبل ذلك مقبلًا على الرمي حتى فاق فيه الأقران، وصار يصيب من عشرة أسهم تسعةً، ثم أقبل على العربية والشعر فبرع في ذلك كله.
يقول الشافعي عن نفسه: كنت يتيمًا في حجر أمي فدفعتني إلى الكتاب، ولم يكن عندها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي من أن أَخْلُفَهُ إذا قام، فلما جَمَعْتُ القرآن دخلت المسجد، فكنت أجالس العلماء، وكنت أسمع الحديث والمسألة فأحفظهما، فلم يكن عند أمي ما تعطيني أشتري به القراطيس، فكنت أنظر إلى العظم فآخذه فأكتب فيه فإذا امتلأ طرحته في جرّة، فاجتمع عندي حُبَّان -جرة ضخمة-. (1)
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: كان الشافعي في ابتداء أمره يطلب الشعر وأيام الناس والأدب، ثم أخذ في الفقه بعد، وكان سبب أخذ الفقه: أنه كان يومًا يسير على دابة له وخلفه كاتب لأبي، فتمثل الشافعي بيت شعر، فقرعه كاتب أبي بسوط، ثم قال له: مثلك تذهب مروءته في مثل هذا، أين أنت من الفقه؟ قال: فهزه ذلك، فقصد مجالس الزنجيّ بن خالد وكان مفتي مكة، ثم قدم علينا فلزم مالك بن أنس. (2)
أخذ الشافعي العلم ببلده عن: مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة، وداود بن عبد الرحمن العطار، وعمه محمَّد بن علي بن شافع فهو ابن
(1) رواه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي" ص 24، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 73، والبيهقي في "مناقب الشافعي" 1/ 92.
(2) رواه أبو نعيم 9/ 70 - 71، والبيهقي في "مناقب الشافعي" 1/ 96.