2581 - قوله: (إنَّ نساء النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كنّ حِزْبين): فعائشةُ، وحَفْصةُ كانتا في حِزْب؛ وزينب، وغيرها في حزب) وقد سها الراوي ههنا في تفسير الحِزبين؛ فإِنَّ اختلج في صدْرِك أنه كيف هذا في أمهات المؤمنين قلت: ألم يكن بَشَرًا؟ فثبت منهن النزاعُ، والاغتباطٌ والسورة في الكلام، وغيرها. فتلك أمورٌ تعتري الإِنسان مِن تلقاء ضَعْفِه [1]، معم الفَضْل بالتقوى، ومخالفة الهوى، وصحبة خَيْرِ الورى، وإيثار الدنيا على العُقْبى، لا بِخَلْع النشأةِ الإِنسانة، وتلبس النشأة الأخرى، ومَنْ لا يُفَرِّق بين هذه فقد غوى، على أن الله تعالى يبتلى بها خواصَّ عبادِه، وأنبيائه، فتجري تلك الأمورُ في بيوتهم أيضًا عَزْمُهم وصَبْرهم، وعَدْلُهم وتَقْواهم، وليعلمَ النَّاسُ أن علانِيَتَهم خيرٌ، وسريرَتهم خيرٌ من علانيتهم؛ وليكونوا أسوةً لأممهم، فيه حِكَمٌ لا تَخْفَى والله تعالى أعلم.
قوله: (إنَّ نِساءَك يَنْشُدْنك العدلَ) ... الخ، وهذه الكلمةُ تُشْبِه التي تكلَّم بها رأسُ الخوارج فاستأذن له بعض الصحابةِ أن يَضْربوه بالسيف، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم دَعْه لعلَّ اللهَ يُخْرج من ضئضي، هذا قومًا يَخْرُجون من الدِّين» ... الخ، وقد أجبت عنه في رسالتي «إكفار المُلْحِدين»، وقد مرّ في هذه الوريقاتِ أيضًا أنَّ الكلمةَ الواحدة، تَخْتَلِف إسلامًا وكُفْرًا باختلاف النِّيات، واللَّهْجة، وصورِ الأداء فتذكره.
10 - باب مَنْ رَأَى الْهِبَةَ الْغَائِبَةَ جَائِزَةً
2583 و 2584 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِى عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رضى الله عنهما وَمَرْوَانَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ قَامَ فِى النَّاسِ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا». فَقَالَ النَّاسُ طَيَّبْنَا لَكَ. حديث 2583 أطرافه 2308، 2540، 2608، 3132، 4319، 7177 - تحفة 11271 حديث 2584 أطرافه 2307، 2539، 2607، 3131، 4318، 7176 - تحفة 11251
ولعل المصنِّف أراد من الهبةِ الشيءَ المَوْهوبَ، والمعنى أنَّ هبةَ الشيء جائزةٌ، وإنْ كان غائبًا عن المجلس، أو كان الموهوبُ له أيضًا غائبًا؛ وحاصله أنه لا يُشْترطُ لصحةِ الهبةِ حضورُ الموهوبِ له، أو الشيء المَوْهوب؛ وتمسك له بِقصَّة سَبْي هوازن، فإِنَّ الواهِب فيها كان النبيَّ صلى الله عليه وسلّم والأشياءَ الموهبةَ لم تكن حاضِرةً في المجلس، فثبت الترجمةُ، ثم التحقيقُ على تخريج تلك القِصَّة، فسنعود إليه، ونحققه أنها كانت إعتاقًا لا هبةً.
11 - باب الْمُكَافَأَةِ فِى الْهِبَةِ
2585 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ [1] قلت: وإليه أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة كسر القصعة، غارت أمكم! كأنه يعذرها، فهي حقيقة غامضة، نبه عليها صاحب الوحي، بلفظ موجز، فاعلمه.