يعني به أنه يُصلَّى عليها، وزاد: «وسنتها» إشارة لما في الحديث: «فقام وسطها». والسُّنَّةُ فيها عندنا أن يقوم الإمام حِذَاء الصَّدْرِ من الرجل والمرأة كليهما، وما ذهب إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى هو روايةٌ عن إمامنا أيضًا على أن لفظ الوسط لا يتعين في القيام بحِذَاء العَجِيزة، لأن الساكن منه متحرك والمتحرك ساكن، ولا يتعيَّن فيه واحد منهما، وإنما يكون دليلًا لهم لو كان متحركًا «وسطها» فهو للوسط الحقيقي، ولا يكون إلا واحدًا، بخلاف ما إذا كان ساكنًا، أي «وسطًا» فإنه يَصْدُقُ على الوسط الإضافي فهو متعدِّد، وهو معنى كونه متحرِّكًا. ولعله راعى ما في أبي داود أن أنسًا رضي الله عنه صلى على جنازة، فقيل له: يا أبا حمزة، هكذا كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم يصلِّي على الجنازة كصلاتك عليها؟ قال: «نعم». فعبَّر بلفظ السُّنة. ثم عند أَبي داود قام عند عَجِيزتها، فاندفع التأويل المذكور ولا حاجة إلى الجواب، فإنه أيضًا رواية عن إمامنا الأعظم رحمه الله تعالى.
31 - باب
333 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ - اسْمُهُ الْوَضَّاحُ - مِنْ كِتَابِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ خَالَتِى مَيْمُونَةَ - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا كَانَتْ تَكُونُ حَائِضًا لاَ تُصَلِّى، وَهْىَ مُفْتَرِشَةٌ بِحِذَاءِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُصَلِّى عَلَى خُمْرَتِهِ، إِذَا سَجَدَ أَصَابَنِى بَعْضُ ثَوْبِهِ. أطرافه 379، 381، 517، 518 - تحفة 18060 - 91/ 1
وإنما لم يترجم، لأن هذا الحديث ليس من تلك السلسلة التي وضعها وإن كان مناسبًا في الجملة. وفيه عبد الله بن شدَّاد صحابيّ صغير وتابعي كبير، يروي حديث: «قراءة الإمام له قراءة».
قوله: (مَسجد رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم) تعني به مسجد البيت.
333 - قوله: (خُمْرَته): وهي التي تحفظ الجبهة عن التراب. وفَهِم الروافض أنها بهذا القدر فقط، وليس كذلك، وإنما أراد أهل اللغة بيان الغَرَض منها، لا أنها مقصورة عليه فقط. وإنما سُمِّي خُمْرَة لاختمار لُحْمتَه من سُدَاه.
وفي الهند قومٌ يُدْعون «خُمْرَة» وأنهم يصنعون الحصير والخُمرة، فدلّ العمل أيضًا على أن الخُمرة هي الحصير الذي يصلح للصلاة عليه، ولا يقتصر على الجبهة فقط.
قوله: (أصابني بعضُ ثوبه). وفي الفقه: أن النجاسة المفسِدَة ما يُعَدُّ المصلي حاملًا لها وما لا يحملها فليست بمفسدة، كما في «العَالْمَكِيرِيَّة»: أن جُنِبًا لو ركب على رجل يصلي وثيابُه نجسةٌ؛ فإن أمسكه فسدت صلاته، وإلا لا. وفي «المنية»: أن الثوب إذا كان واسعًا بحيث لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر، وأحد طرفيه نجس، فصلى رجلٌ ملتفًّا بالطرف الآخر، جازت صلاته، وإن تحرَّك الطَّرَف الآخر بتحريك ذلك الطرف بطلت صلاتُه.
***