النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ. أطرافه 298، 323، 1929 - تحفة 18270، 18271، 18272
وظاهر القرآن أنَّه لا يقربها أصلًا، وقد مرَّ معنا أنه كيف المشي على اللفظ عند وضوح الغرض، ولا سيما عند ظهور المناسبة، وأنه ينبغي أن يُبحث عنه بشكل المقدمة، فإنه يدور النظر فيه كثيرًا كما ترى ههنا، لأنَّ ظاهرَ لفظِ القرآن الاعتزال وعدم القُربان. والغرض الاعتزال عما تحت الإزار مع بقاء الاستمتاع بما فوقه، كما يدلّ عليه قوله صلى الله عليه وسلّم «لك ما فوقَ الإزار» على نظر الحنفية، مع أنه قد ظهر أثر لفظ الاعتزال، وتأيَّد بقول: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} (البقرة: 222) فهل يُعتمد في مثل هذه المواضع على نظم القرآن، أو يعمل بالغرض المستفاد من الحديث؟
23 - باب مَنِ أَخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ
323 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعَةً فِى خَمِيلَةٍ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِى فَقَالَ «أَنُفِسْتِ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَانِى فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِى الْخَمِيلَةِ. أطرافه 298، 322، 1929 - تحفة 18270
صَدَعَ بأن تعدد الثياب لهذا المعنى ليس من الإسراف في شيء، كما مر عليه التنبيه من قبل.
24 - باب شُهُودِ الْحَائِضِ الْعِيدَيْنِ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى
وكذلك يَحْضُرْنَ عندنا أيضًا، كما في «الهداية». وفي «العيني» هكذا عن سِراج الدين البُلْقيني الشافعي، وهو تلميذ مُغَلْطَاي الحنفي. وأما الآن فالفتوى أن لا تخرج الشوابُّ لا في الجمعة، ولا في الجماعات، وهكذا ينبغي، لظهور الفساد في البَرَّ والبحر وقِلّة الحياء، والتواني في أمور الدين. أما على أصل المذهب فيصح للحُيَّضِ أن يَحْضُرْنَ دعوة المسلمين كما يَحْضُرْنَ في عَرَفَة، ويعتزلن المُصلَّى. والمراد بالدعوة: الكلمات الدُّعَائية التي في خلال الخُطبة، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم دُبُرَ صلاة العيدين دعاءٌ ولو مرةً، كما مر آنفًا.
ثم إنَّ كثيرًا من الألفاظ قد شاعت في غير معانيها اللغوية حتى لا تكاد تُدرك معانيها الأصلية، ولا تنتقل إليها الأذهان أصلًا، كالدعاء فإنه شاع الآن في الدعاء بالصورة المعهودة، وليس له في اللغة أصل، وإنما وُضع له لفظ السؤال. والدعاء في اللغة: بكارنا {ادْعُواْ رَبَّكُمْ} [الأعراف: 55] {وَمَا دُعَآء الْكَافِرِينَ} [الرعد: 14] إلخ، فاعلمه.
ثم إنَّ المُصَلَّى في الزمان القديم لم يكن له أحكام المساجد، أما الآن فينبغي أن يكون في حُكم المسجد، لإحاطته بالجدران، وبنائه على هيئة المساجد، فينبغي أن لا يَدْخُلْنَه.