لعله يشير إلى ما رواه ابن ماجه أن الملائكة لا تشهد بيتا فيه كلب أو جنب أو تصاوير إلا أنه ليس على شرطه.
26 - باب نَوْمِ الْجُنُبِ
287 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهْوَ جُنُبٌ قَالَ «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ». طرفاه 289، 290 - تحفة 8303
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى عند الطحاوي أنه لا بأس بنوم الجُنُب من غير أن يتوضأ لأن التوضؤ لا يخرجه من حال الجنابة إلى حال الطهارة، وعندهما يتوضأ ثم ينام، لِمَا في «تنوير الحوالك» من «معجم الطبراني»: «أن ملائكة الرحمة لا تَحْضُر جنازة الجُنُب»، فهو ضرر عظيم، ويدور النظر فيما يشتمل المقام على الضرر مع عدم ورود الوعيد والنهي صراحةً، فينظر بعضهم إلى المعنى فيذهب إلى الوجوب، كما في «شرح المنهاج»: أن التسمية واجبةٌ عند الأكل عند الشافعي رحمه الله تعالى في رواية، وكالتسمية قبل الوضوء عند البخاري، فإن الشيطان يشترك في كل أمرٍ لم يُبْدَأ باسم الله ويمحق بركته، وهذه مَضَرَّةٌ عظيمة.
ويَنظر بعضهم إلى اللفظ، فإن كان ورد فيه الأمر أو النهي يقول به، وإلا لا، والظاهر أن الوجوب والحُرمة تدور على الخطاب دون المعنى كما مرّ مفصلًا.
أقول [1]: ولم يثبت عندي نومه صلى الله عليه وسلّم في حالة الجنابة إلا بالغسل أو الوضوء، وثبت التيمم أيضًا كما في «المصنَّف» لابن أبي شَيبة، كما في «الفتح»، وفي «البحر»: أن التيمم فيما لا تُشترط فيه الطهارة صحيح مع وجدان الماء أيضًا، وهو مختار جماعة، وهو الصحيح عندي، وما رواه أبو إسحاق عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها في نومه صلى الله عليه وسلّم في حالة الجنابة، فقد [1] قلت: وهذا التحقيق مما ينبغي أن يحافظ عليه، لأن السيوطي تكلم عليه في "حاشية النسائي" مبسوطًا، ونقل عن الخطَّابي أن المراد من الملائكة الذين لا يدخلون بيتًا فيه الجُنُب ملائكةُ الرحمة، ثم نقل أنه فيمن يتهاون بالغسل، وزعم أنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النوم جُنُبًا، ونقل عن وليّ الدين العراقي أن ذلك لامتناعه عن قراءة القرآن، وتقصيره بترك المبادرة إلى الاغتسال، ثم قال: وفيه نظر، ثم عدل إلى ما اختاره الخطَّابي، وإليه مال صاحب "النهاية"، قلت: وهؤلاء الجبال إنما أشكل عليهم الأمر لأنهم إلتزموا نومه - صلى الله عليه وسلم - في حالة الجنابة، وصح عندهم عدم دخول الملائكة في بيت الجُنب فاستبعدوا عدم دخولهم في بيته - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحالة، فاضطروا إلى هذه التوجيهات، والأمر كما قرره الشيخ رحمه الله تعالى، وحينئذٍ لا حاجة إلى التأويلات، لأنها من باب بناء الفاسد على الفاسد. وحاصله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يثبت عنه النوم حالة الجنابة إلّا في إِبَّان الصبح قُبَيْلَه بلحظات، أما إذا أجنب في أول الليل فإِنه لم ينم إلّا بالتوضؤ، أو التيمم أحيانًا، ولم يثبت في واقعة واحدة أنه نام بدون طهارة مطلقًا، وحمل النووي حديث أبي إسحاق على بيان الجواز، واستبعده الشيخ رحمه الله تعالى لما عند مسلم: عن ابن عمر أن عمر استفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل ينام أحدُنا وهو جُنُب؟ قال: "نعم إذا توضأ"، فلم يُرَخِّص به إلّا على طهارة.