قلت: بل ترك التثليث ليس بمكروهٍ لأحدٍ من الناس عندي بشرط أن لا يتركه أزيد مما ثَبَتَ عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم ولا يَعْتَاد عليه [1].
225 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ رَأَيْتُنِى أَنَا وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - نَتَمَاشَى، فَأَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كَمَا يَقُومُ أَحَدُكُمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَىَّ فَجِئْتُهُ، فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ. أطرافه 224، 226، 2471 - تحفة 3335
225 - قوله: (خلف حائِطٍ) ... إلخ، والحائط كانت أمامه.
225 - قوله: (فقام كما يقوم) ... إلخ، تشبيهٌ في أصل القيام لا غير.
قوله: (فأشار إليَّ) ... إلخ، ويُسْتَفَاد منه: أنَّ الكلامَ في هذا الحال مما لا ينبغي، ولذا اكتفى بالإِشارة وما عند مسلم فقال: «أدْنُه - باللفظ - فَدَنْوَت ... » إلخ، لعلَّه روايةٌ بالمعنى، والمُتَبَادَرُ أنه لم يتكلَّم في تلك الحال. ومنع مولانا الكَنْكُوهِي رحمه الله تعالى رَدَّ السلام حالة البول، ووسَّع فيه عند الاستنزاه والاستبراء والاستنجاء بالمَدَر. ومنعه مولانا محمد مظهر رحمه الله تعالى في حالة الاستنجاء أيضًا [2].
66 - باب الْبَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ
أشار إلى أنَّ البولَ عند السُّبَاطة ممّا لا يحتاج إلى الإذن من صاحبه لكونه معلومًا عُرْفًا.
226 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ كَانَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ يُشَدِّدُ فِى الْبَوْلِ وَيَقُولُ إِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ لَيْتَهُ أَمْسَكَ، أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا. أطرافه 224، 225، 2471 - تحفة 3335، 9003
226 - قوله: (يُشَدِّد) ... إلخ، فإِنَّه كان يَبُول في القَارُورَة اتقاءً عن الرِشَاش.
قوله: (قُرَضَه)، وفي بعض الروايت الصحيحة: «قَرَض الجلد» أيضًا كما مرَّ، وقد تحقَّق عندي أنَّ هذا القَرْض يكون في القبر تعذيبًا، لا أنه كان في لدنيا تشريعًا، وإن كانت ألفاظ الرُّوَاة تشْعِر بخلافه، وأظُّن أنَّ العذابَ منه في هذه الأمة أيضًا من بقاياه، والله تعالى أعلم.
قوله: (فقال حذيفة رضي الله عنه) ردٌّ على تجاوزه عن الحد، لا أمرٌ بالبول قائمًا. [1] قلتُ: وراجعت حاشيته على النَّسائِي، فما وجدته فيه. نعم في النووي: ولكن المستحب تطهير الأعضاء كلها ثلاثًا ثلاثًا، كما قدَّمناه: وإنما كانت مخالفتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأوقات بيانًا للجواز، كما توضَّأ - صلى الله عليه وسلم - مرةً مرةً في بعض الأوقات بيانًا للجواز، وكان في ذلك الوقت أفضل في حقه - صلى الله عليه وسلم -، لأن البيان واجبٌ عليه - صلى الله عليه وسلم -، فلعلَّه سهوٌ من القلم، والله تعالى أعلم. [2] وما عند أبي داود: "لا يَخرُج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدَّثان، فإن الله عزّ وجلّ يَمْقُت على ذلك"، فالظاهر أن المَقْتَ على مجموع الأمرين دون التحدُّث فقط، على أن التحدُّث معناه: على ما كان من عاداتهم في الجاهلية، وأمَّا الكلام لأجل الحاجة فهو بمَعْزِلٍ عنه.