53 - باب مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ
209 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِى حَارِثَةَ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ. أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ - وَهِىَ أَدْنَى خَيْبَرَ - فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّىَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. أطرافه 215، 2981، 4175، 4195، 5384، 5390، 5454، 5455 - تحفة 4813
210 - وَحَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ عِنْدَهَا كَتِفًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. تحفة 18080
ولمَّا كان عند المصنِّف رحمه الله تعالى بعض جزئيات ممَّا مسَّت النار، أراد أن يُبَوِّب لكلَ منها بابًا بابًا.
209 - قوله: (صَهْبَاء)، وهي الموضع الذي رُدَّت فيها الشمس بين خَيْبَر والمدينة، وصحَّحه الطَّحَاوي في «مُشْكِل الآثار»، ونقل عن شيخه أنَّه أَوْصَى الأمة بحفظ هذه المعجزة الباهرة التي ظهرت على يد النبي صلى الله عليه وسلّم [1]، ونَسَبَ النووي إليه أن قائل بتعدّد القصة وهو سهوٌ منه، وإنّما صحَّحَ الطَّحَاوِي واقعة واحدة ولم يقل بتعدّدها أصلًا، ولعلّ النووي لم يَظْفَر بالأصل أو لم يرجع إليه، فوقع في الغَلَط، هكذا تكون الأغلاط في أخذ النقول بدون المراجعات إلى الأصول.
والذي تحصَّل لي في تنقيح القصة: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم بَعَث عليًا رضي الله عنه لحاجةٍ قبل العصر، فذهب إليها ولم يصل حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثم لما أَخُبِر به النبي صلى الله عليه وسلّم دعا له فرُدَّت له الشمس». وما سوى ذلك، فكلَّه من اضطراب الرواة، أمّا إنه لم يصلِّ العصر، فالوجه عندي أنه تَزَاحَم عنده أمران: الأول: الأمر العام في أداء الصَّلاة في وقتها، والثاني: الأمر الخاص، وهو أَمرُ النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا اليوم بالفَرَاغ عن حاجته التي بعثه إليها قبل غروب الشمس، كما يجيء في البخاري في قصة بني قُرَيْظَة، حيث أمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم أَنْ يُصَلَّوا العصر في بني قُرَيْظَة، فأدركهم الوقت قبل بلوغهم إليهم، فصلّى بعضهم العصر نظرًا إلى الأمر العام، ولم يُصَلِّها بعضهم حتى فاتتهم الصَّلاة، لأنَّهم رجَّحُوا الأمر الخاص على العام، وفَهِمُوا أنَّهم أُمِرُوا بأن يُصلُّوا العصر في هذا اليوم في بني قُرَيْظَة وإن فافهم الوقت في الطريق. وهذا اجتهاد مُشْكِلٌ، لأنَّه إن رجَّحَ الأرمر الخاص، يَفُوته الأَمر العام، وإن عَمِلَ بالأمر العام، فإِنَّه الخاص. ثم إِنَّ [1] قال الطَّحاوي بعد سَرْد الأحاديث في قصة رَدِّ الشمس: وكل هذه الأحاديث من علامات النبوة، وقد حكى عليُّ بن عبد الرحمن بن المُغِيرَة، عن أحمد بن صالح أنه كان يقول: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلُّف عن حفظ حديث أسماء الذي رُوِيَ لنا عنه، لأنه من أجَلِّ علامات النبوة، اهـ. "مشكل الآثار".